بسم الله الرحمن الرحيم . إذا أردت أن تحفظ القرآن وتحصل على سند ، ما عليك سوى الاتصال بنا . كما يمكنك الحفظ معنا عبر الإنترنت
إذا أردت دراسة أحد علوم اللغة أو أحد المواد الشرعية فقط راسلني .::. إذا أردت إعداد بحث لغوي أو شرعي فنحن نساعدك بإذن الله

language اللغة

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

اذكر الله

14‏/12‏/2011

مهارات تحبيب أطفالنا في القرآن


مهارات تحبيب أطفالنا في القرآن
تحقيق: آمنة محمد
منح أحد التابعين معلم ابنه مكافأة سخية، حيث حفظ الابن الفاتحة، وقال للمعلم: إنه لو كان يملك ما هو أكثر من هذه المكافأة لأعطاه إياه، لأن ما حفظه الابن أثمن من أية نقود. هكذا فهم الأولون قيمة تحبيب الأطفال في القرآن وربطهم به لسانًا وأخلاقًا، وأدركوا أهمية جعل القرآن جزءًا مهمًّا في حياة هؤلاء الأبناء يشبون على تلاوته وحبه وحفظه.

نحن نعلم جميعًا فضل القرآن وفضل تعلمه وتعليمه، فقد دعا سيدنا محمد  "صلى الله عليه وسلم"  أصحابه والتابعين من بعدهم إلى تعلم القرآن وقراءته، وشجعهم على حفظه، وكان يقدم الحافظ على غير الحافظ، ويقول: «وأحقهم بالإمامة أقرؤهم»، و«خيركم من تعلم القرآن وعلمه». (رواه مسلم)،  792008-062516PM_opt.jpeg

وقوله: «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه» (رواه مسلم).
ونحن كآباء وأمهات علينا أن نحرص على تعليم القرآن لأطفالنا، واليقين بأنه عقل المؤمن ودستور حياته إذا تمسك بتعاليمه لن يضل أبدًا، كما أن القرآن هو خير ما يثبت النفس، ويفسح أمام العقل آفاق العلوم والمعارف الإنسانية.

وحب الطفل للقرآن يعينه على حفظه وبعده عن آفات اللسان كلها، كما أن الطفل إذا أحب القرآن وفهمه ثم عمل به كان هذا صدقة جارية في ميزان حسنات والديه يلبسهما الله بهما تاج الكرامة يوم القيامة.
وهناك بعض الوسائل التي تحبب الطفل في القرآن، منها:

- القراءة أمامه، وخاصة لو كان الوالدان يقرآن معًا.
- إهداء الطفل مصحفًا خاصًّا به، يتجاوب معه ويشعر بملكيته ومكانته.
- تحفيزه وتشجعيه على دخول المسابقات القرآنية.
- تسجيل صوته وهو يقرأ، فهذا يشجعه ويحثه على التجويد والتحسين.
- الدفع به إلى حلقات المسجد، وحثه على إمامة المصلين في النوافل.
- الاهتمام بأسئلة الطفل حول القرآن، والحرص على الإجابة عن هذه الأسئلة بشكل مبسط وميسر.
- قص قصص القرآن على الطفل، فهو يحب القصص.

                                كيـــف يحفـــظ؟!

ومن واقع خبرة عملية يقول الشيخ محمود بقوش- إمام وخطيب ومحفظ-: إن أفضل مراحل تعلم القرآن الكريم هي فترة الطفولة المبكرة (3-6 سنوات)، حيث يكون عقل الطفل يقظًا، وملكات الحفظ لديه نقية، ورغبته في المحاكاة والتقليد قوية.
وهناك مفاتيح عدة تعين الوالدين والمربين على تحبيب الطفل في القرآن.
أولا: احترام طفولته، حيث إن الطاقة الحركية لديه كبيرة، وقد لا يستطيع الجلوس صامتًا منتبهًا طوال فترة التحفيظ، لذلك لا مانع من تركه يتحرك وهو يسمع أو يردد تحت نظر المحفظ أو أحد الوالدين.
ثانيًا: المكافأة، وذلك بإهدائه شيئًا يحبه حتى ولو قطعة حلوى، كلما حفظ قدرًا من الآيات، أو الثناء عليه أمام زملائه أو رسم نجمة في كراسته، فإن زاد في الحفظ زدنا له عدد النجوم، وهكذا.
ثالثًا: للفهم دور كبير، فشرح معاني الكلمات بأسلوب شيق، وبه دعابات وأساليب تشبيه، مما ييسر الحفظ والاستحضار.
رابعًا: احترام عقليته، فعلى الوالدين والمحفظين ألا يستهينوا بعقل الطفل، إذ إن لديه قدرة كبيرة على تخزين المعلومات، فلا تكون الإجابة عن الأسئلة سطحية هشة، بل يجب أن تكون مقنعة حتى لا يشعر بالدونية والاستهانة به.
خامسًا: التنافس، فغرس روح المنافسة بين الأطفال مهم جدًّا، فأفضل ما يمكن أن يتنافس عليه الصغار هو حفظ كتاب الله، على أن يكون المحفظ ذكيًّا لا يقطع الخيط الرفيع بين التنافس والصراع، ولا يزرع في نفوسهم الحقد على زملائهم المتميزين.
سادسًا: بالحب تبلغ ما تريد.. ومن الضروري عدم الإسراف في عقاب الطفل غير المستجيب، فيكفي إظهار الغضب، وإذا استطاع المحفظ أن يحبب تلاميذه فيه، فإن مجرد شعور أحدهم بأنه غاضب منه لأنه لم يحفظ سيشجعه على الحفظ حتى لا يغضب منه المحفظ مرة أخرى.
سابعًا: مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال، على المحفظ أن يعرف سبب تعثر بعض الأطفال في الحفظ.. هل هو نقص في القدرات العقلية؟ أم وجود عوامل تشتيت في المنزل؟ وغير ذلك بحيث يحدد طريقة التعامل مع كل متعثر على حده.
ويشير الشيخ محمد إلى أن أنسب السور للطفل وأيسرها حفظًا من قصار السور؛ لأنها تقدم موضوعًا متكاملا في أسطر قليلة، فيسهل حفظها، ولا تضيق بها نفسه.
ثامنًا: لا تسأم من كثرة طلباته.. حيث تجب المسارعة إلى تلبيتها قدر المستطاع، خاصة إذا طلب الذهاب إلى قضاء الحاجة، مع العلم بأنه لن يطلبها بلسانه، بل سيكتفي بتحريك أصبعه السبابة (الإشارة المعروفة)، وكثيرًا ما يطلب الأطفال ذلك.
                                 معايشة القرآن
وتوضح د.منى سلامة أن من أكثر مصادر قوة الأمة الإسلامية هو تقديسها وتعظيمها للقرآن الكريم، ولا خلاف على أن القرآن هو سر نهضة الأمة وريادتها وسيادتها بل وقيادتها للأمم.
وتطرح د.منى سؤالا: لماذا مع وجود القرآن بين أيدينا ومن حولنا لم نصبح قادة الأمم علميًّا وإيمانيًّا وأخلاقيًّا؟
وتؤكد أن السبب ليس القرآن، ولكنه عدم فهم وتفعيل معانيه في الحياة، وعدم تطبيق أخلاقه ومعاملاته.
ومن هنا، جاءت فكرة مشروع يعمل على تعليم الأطفال معاني القرآن وتطبيقه في حياتهم ومعايشته ليل نهار، حتى يستشعر الطفل أن هذا القرآن قد جاء له هو في عصره الذي يحيا فيه - في غرفة نومه وملعبه وفصله- ولم يجئ لقوم سابقين ولا لعصر ماض، فيدرس القرآن بالطرق العصرية التي يحبها الأطفال، ويتفاعلون معها، ويجدون في حصة القرآن الكريم التشويق والمتعة والحركة والمناقشة والنشيد واللعبة، ولكي تستكمل الفائدة نقوم ب تدريب المعلمين والمربين من خلال دورة تدريبية تؤهلهم لتعلم مهارات التدريس الأساسية لتطبيق البرنامج، وتوصيل المعنى القرآني بالأنشطة للأطفال في مختلف الأعمار.

وتؤكد د.منى أنه ما تم مراعاته في هذا العمل السعي لغرس ثلاثة معان أساسية لدى الأطفال، وهي:
- القدرة على النقد والتمييز بين الصواب والخطأ لإعطاء صورة حقيقية عن الواقع، ليعين الطفل، ليس فقط على فعل الخير والثبات عليه، ولكن أيضًا مدافعة الشر ومقاومته.
- تغليب الجانب العملي والابتكاري على الجانب القولي والخطابي، والسعي إلى إتقان العمل وجودته والتعاون مع الآخرين من أجل تحقيقه، والتوازن في هذه الأعمال بين ما يعود مردوده عليه شخصيًّا أو المجتمع المحيط به، ووصولا إلى العالم والكون.
- التفكير المستقبلي الذي يجعل الطفل متطلعًا إلى الأفضل دائمًا ومقدمًا أحسن ما لديه من أجل حياة أفضل في الدنيا وثواب أعظم في الآخرة.
أهم الوسائل
- اختيار المحفظ المناسب أو توجيهه إلى الأساليب المناسبة.
- أن يحب الطفل المحفظ ويرتبط به وجدانيًّا.
- عدم العقاب على عدم الحفظ (خاصة البدني)، ولكن يمكن استخدام الحرمان.
- أن تكون لدى المحفظ مهارات شخصية جذابة تشد الطفل (بشوش –حركي – يلعب مع الأطفال).
- استخدام مقترحات مختلفة للدرس حسب ذكاء الأبناء (ماذا يحدث لو - قصة - فزورة - تمثيل حركي- تصوير مكاني).
- تنوع الأساليب وعدم التركيز على التلقين وحده.
- عدم المقارنة بين الأبناء في مهارات الحفظ والاسترجاع.
- عدم الإلزام بالحفظ قبل 7 سنوات.
- عدم قتل طفولة الأبناء لغرض الحفظ الجيد.
- وهناك وسائل مبتكرة لتدعيم حب القرآن، يرشدنا إليها د.سعد، منها:
- الوسائل المبتكرة في التحفيظ (كمبيوتر) وليس تلقينًا فقط.
- كتابة ما تم حفظه في لوحة جميلة والاحتفاظ بها.
- توفير برامج المحفظ الآلي ليستخدمها الطفل بنفسه.
- ابتكار وسائل تتحدى قدرات الأبناء، ولكن مع الترغيب.
- إعداد لوحات شرف لكل الحافظين وما يحفظون.
- اختيار الوقت المناسب في التحفيظ، فلا يكون (بعد يوم تعب - بعد وجبة ثقيلة - بعد توتر نفسي - في وقت اللعب - بعد يوم دراسي طويل).
- ابتكار وسائل عامة لتدعيم الحفظ (قصة - رحلة - شهادة تقدير - حفلة بسيطة بعد حفظ كل جزء (دون مقارنة)- وإشعاره بأن القرآن مصدر نفع مادي له).
- تحويل احتياجات الطفل إلى محفزات على حفظ القرآن.
- تقديم المحفزات بشيء من الذكاء والإبداع والإشعار بالحب.

صَوَابٌ مَهْجُورٌ


صَوَابٌ مَهْجُورٌ
تصوير ونص: حياة الياقوت
قيل قديمًا «خطأ مشهور، خير من صواب مهجور». وإذا كان المعيار هو الشهرة، ألم يأنِ للصواب أن يكون مشهورًا ومعمولا به؟
في هذه الزاوية، نقبض على خطأ لغوي مشهور سوّل له إهمالنا أو جهلنا أن يظهر على اللافتات أو المنتجات أو في وسائل الإعلام. هذا، لننبّه وننوّه ونصحّح، لا لنفضح. ليكون الصواب هو المشهور والمجهور، وليستقيم درب لساننا العربي.  _opt.jpeg العبء المعبّأ
الخطأ: معبء فى.
الصواب: معبأ في.
الهمزة المتطرفة (في آخر الكلمة) تكتب بطريقة تناسب حركة الحرف السابق لها، بغض النظر عن حركة الهمزة نفسها.
فإذا كان الحرف السابق للهمزة مفتوحا، كما هو الحال في كلمة «معبَّأ» حيث إن الباء مفتوحة، كُتبت الهمزة على ألف لأن الفتحة تشبه الألف.
أما إذا كان الحرف السابق للهمزة مكسورا، كتبت على نبرة (تشبه في شكلها الياء، فالكسرة ياء قصيرة)، مثل شاطئ.
إما إذا كان الحرف السابق للهمزة مضموما، كتبت على واو، فالضمة واو قصيرة، مثل لؤلؤ.
وإذا كان الحرف السابق للهمزة ساكنا، كتبت على السطر. مثل بُطء وسماء.
الذهب النضار في أمر «الانتضار»
الخطأ: بانتضاركم
الصواب: بانتظاركم   .._opt.jpeg
الصحيح «انتظار»، وليس انتضار.. ولم أقف على كلمة «انتضار» في المعجم، لكن لو وجدت ستكون مشتقة من النُّضار وهو الذهب الخالص.
الخلط بين الضاد والظاء شائع جدا خاصة في الخليج، ويبدو أن كاتب هذا الإعلان معجب بكون اللغة العربية لغة الضاد، فحول الظاء إلى ضاد، والتفرقة بينهما ليست سهلة دائما، لكن يمكن اللجوء إلى المقامة الحلبية التي نظمها الحريري، وهي قصيدة جاء في جزء منها جمع لجذور جميع الكلمات العربية التي فيها حرف الظاء، فيكون ما عداها ضادا.. ويقول في بدايتها:  --
أيها السائلي عنِ الضّـادِ والـظّـا
ء لكَـيْلا تُـضِـلّـهُ الألْـفـاظُ
إنّ حِفظَ الظّاءات يُغنيكَ فاسـمـعـ
ها استِماعَ امرِئٍ لهُ اسـتـيقـاظُ
وهناك بعض الكلمات البسيطة الواردة في المقامة، والتي ترد بالضاد وبالظاء (مع اختلاف المعنى)، مثل ضل وظل، حضّ وحظ، لكنها قليلة ويمكن حفظها.
ويظن البعض خطأ أنه يمكن التفرقة بينها بمحاولة نطق الكلمة بلهجة أهل الشام أو مصر، فإذا نطقها ضادا، كانت كذلك وإلا كانت ظاءً.. وهذا رأي غير دقيق، فكلمات مثل عظم وظهر تنطق بالضاد في لهجات الشام ومصر.
وتظل الطريقة الأسهل والأضمن هي تعويد النفس على التفرقة بين هذا الكلمات من خلال الاطلاع، أو الرجوع إلى المعجم أو المقامة الحلبية في حال الشك.
<><><>

قصة قصيرة: الــــــــــــزم قـــــــــدمـــــــيـــــها

                قصة قصيرة: الــــــــــــزم قـــــــــدمـــــــيـــــها
الجنة تحت أقدام الأمهات، الجميع يعرف ذلك، لكن القليلين فقط يقدرون هذا القول حق قدره! قلة قليلة هي التي استلهمت روح الإسلام وقيمه النبيلة في معاملة الأم وتوقيرها وتقديرها، ولا أقصد هنا بالتقدير المادي فقط كما يُفعل فيما يسمى بعيد الأم وعيد الأب، بل حددوا يومًا معينًا في السنة لتكريمهم، أما باقي أيام العام فالأمر متروك للظروف والمزاج النفسي لكل فرد على حدة!!
ليتأكد كل شخص أهان والديه في حياتهما- وخصوصًا الأم- أن الله يمهل ولا يهمل وكما تدين تدان!
وهذا ما عايشته بنفسي في قصة صاحبي، الذي نشأ في أسرة ريفية بسيطة، وكان أبواه أميين متدينين، حيث التحق بكتاب القرية وحفظ أجزاء من القرآن الكريم، وتعلم في أقرب مدرسة لقريته حتى أنهى تعليمه الثانوي، وحصل على مجموع كبير فالتحق بكلية الطب، وتمر أعوام الدراسة سريعًا كما تمر أيام العمر، ويكابد أبواه شظف العيش من أجل توفير المصاريف لدراسة ابنهم.
ولأترك صاحبي يقص علينا تطورات مأساته، يقول:   _opt.jpeg
خلال سنوات الدراسة تعرفت على زميلة لي في الكلية وانجذبت إليها كثيرًا، رغم نفور جميع الطلاب منها لغرورها وحدة مزاجها وتبرجها الزائد، إلى جانب أنها لم تكن جميلة إطلاقًا ورغم كل شيء فقد تعلقت بها ولم أجرؤ على مفاتحتها في شيء، وللأسف الشديد فقد كان لذلك تأثير سلبي على دراستي فرسبت في السنة الأولى بكلية الطب، وسبقتني هي دراسيا، وتدهورت حالتي النفسية كثيرًا فكان نجاحي بطيئًا، أما زميلتي فقد سبقتني في التخرج من الكلية وانقطعت أخبارها عني سنوات عدة، وإن كانت لا تغادر مخيلتي أبدًا، وأخيرًا تخرجت أنا بعد جهد جهيد وذهبت إلى المستشفى الذي سأقضي فيه فترة الامتياز، ففوجئت بزميلة الدراسة وقد عينت طبيبة نائبة في المستشفى الجامعي الذي سأعمل به وأنها سترأسني خلال فترة الامتياز، ولاحظت كذلك أن جميع العاملين بالمستشفى ينفرون منها، ووجدت نفسي ودون أن أدري أتقدم لطلب يدها فوافقت سريعًا دون أي شروط، فكنت ساعتها مذهولًا لا أصدق نفسي، وذهبت إلى أهلي في بلدتي وأخبرتهم بما أنوي عمله، فلاحظت عليهم الوجوم والحيرة ونصحوني أن أبتعد عنها لأنها كانت السبب في أزمتي النفسية من قبل، ولأنها لا تناسبني ودنياها غير دنياي!
ولكني للأسف لم أطق أي معارضة وأصررت على الزواج منها حتى لو رفض أبي مساعدتي ماليًّا!
ومضيت في استعدادي للزواج، وخلال هذه الفترة توترت أعصابي فأصبحت حاد الطباع مع أسرتي وآذيت أبي وأمي كثيرًا بلساني، فكانا يصبران عليّ على أمل أن يهديني الله، وكلما اقترب موعد زواجي ساءت طباعي معهما، حتى حدث قبل أسبوعين من زفافي أن نشبت مشاجرة عادية بيني وبين أمي بسبب موضوع الزواج، فأنهلت عليها لومًا وتوبيخًا أمام أبي وإخوتي، ثم أعماني الشيطان فإذا بي أرفع يدي وأهوي بها على وجهها أمام الجميع الذين أصابهم الذهول مما حدث!! وأسرعت أنا بالخروج وصوت أمي يشيعني بالدعاء أن أرى من أولادي ما أريتها!
والله يا صاحبي مازلت أسمع رنين ذلك الدعاء في أذني على مر السنين، وعندما ذهبت إلى عروسي لاهثًا مهزوزًا، ورويت لها ما حدث، متوقعا منها أن تلومني وتوبخني، إذا بها تقول لي إن هذا هو أقل ما كان ينبغي أن أفعله مع مثل هذه الأم السمجة!!
لقد أعمى الله بصيرتي ولم أشعر بخطورة الجرم الذي اقترفته في حق أمي، وتزوجت ومرت السنون تباعًا، أنجبنا خلالها البنات والبنين، وقاطعت أهلي نهائيًا كأنهم ليسوا على وجه الأرض ولم ينفقا علي كل ما يملكان لأصبح طبيبًا!  _opt1.jpeg
وتوجهت كل عنايتي وحياتي واهتماماتي إلى زوجتي وأسرتها ومعارفها ثم إلى أولادي الثلاثة، وفي الواقع كانت حياتي مع زوجتي سلسلة متواصلة من الكآبة والشجار والمشاكل، أما أبنائي الذين صبرت من أجلهم على كل ما لاقيته من عذاب وهوان من زوجتي، فقد شب الولدان الكبيران متشبعين بأخلاق أمهما وطباعها، وكلما تقدمت بهما السن زادا شرودًا عني والتصاقا بأمهما، حتى جاء يوم كنت أوبخ فيه ولدي الأكبر على تدخينه السجائر بشراهة أمامي فإذا به ينفجر في باللعنات فصفعته! فإذا به يبصق في وجهي!
تصور ابني يبصق في وجهي! وبالطبع اعتراني انفعال شديد وصياح عال على كل من في المنزل!
والله يا أخي وأنا في قمة انفعالي تذكرت وجه أمي المسكينة وهي مذهولة عقب تلقيها صفعتي الملعونة! وتذكرت أيضا صورة أبي وإخوتي وهم مشدوهون!
لقد خيل إلي أني سمعت صوت أمي وهي تلاحقني بالدعاء إلى الله أن يذيقني من الكأس الذي أذقته لها!
عرفت لحظتها فقط أن ما حدث لي من أولادي بمنزلة انتقام من الله لما فعلته بأمي، وأن وقت الحساب قد آن، وأشعر الآن بالندم الشديد على سلوكي مع أمي وأبي، وأرجو الله أن يتقبل توبتي بعد أن مات والداي ولم يعد هناك سبيل لصفحهما عني!
إنه درس قاس وبليغ أرجو أن نتعلم منه جميعًا ونعرف حقًا أن الجنة تحت أقدام الأمهات، وأن ما حدث لك يا صاحبي إنما هو عقاب من الله وفاتورة من فواتير جبروتك وطغيانك على أمك وظلمك لأهلك، كان لزامًا عليك سدادها!!
وأنت في الواقع بدأت السداد في وقت مبكر جدًّا من حياتك الزوجية حين انقشعت أوهام السعادة مع زوجتك حادة الطباع، المكروهة من الجميع، فتجرعت معها كؤوس الشقاء حتى الثمالة، وقد بالغت أنت كثيرًا بتوهمك إمكان تغيير طباعها مع علمك التام بسوء طباعها وكره الآخرين لها!
فلو كانت فتاة أصيلة لما قبلت الارتباط بك بعدما رأت مبلغ وفائك لأمك وأبيك! أو على الأقل لأجبرتك على الرجوع عن الخطأ، لكن فاقد الشيء لا يعطيه، فكفاك قطعًا لرحمك، وابدأ على الفور بالاتصال بإخوتك، وصِل علاقاتك المقطوعة معهم، وحاول تأدية فريضة الحج نيابة عن أبويك، لعل الله يغفر لك، ولعلنا جميعًا نعي ونفهم قرآننا الكريم بعقول واعية وقلوب سليمة، ولعلنا نطبق في حياتنا الدنيا قول الحق سبحانه وتعالى {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا} (الإسراء: 23).
أحمد عبداللطيف النجار- مجلة الوعي الإسلامي