بسم الله الرحمن الرحيم . إذا أردت أن تحفظ القرآن وتحصل على سند ، ما عليك سوى الاتصال بنا . كما يمكنك الحفظ معنا عبر الإنترنت
إذا أردت دراسة أحد علوم اللغة أو أحد المواد الشرعية فقط راسلني .::. إذا أردت إعداد بحث لغوي أو شرعي فنحن نساعدك بإذن الله

language اللغة

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

اذكر الله

01‏/07‏/2011

الثورة الليبية وجنون الحكم د . طارق سويدان

الثورة الليبية وجنون الحكم  د . طارق سويدان
أين أبدأ وكيف أقدم؟ وماذا أقول وقد عقدت مشاهد القتل والجريمة ألستنا، وأطارت أشلاء الأبرياء صوابنا، لو كان للإنسانية لسان أو للآدمية كلام لما انتظرت صمت البشر وخنوع وجبن الرؤساء العرب وصمتهم على مجازر ومذابح فرعون ليبيا:

ولأعلنت باسم الشريعة كفرها  ... بشرائع الأمراء والرؤساء

ولساءلتهم : أيهم قد جاء  ....  منتخباً لنا بإرادة البسطاء؟

ولسائلتهم: كيف قد بلغوا الغنى ...  وبلادنا تكتظ بالفقراء؟

ولمن يرصون السلاح؛ وحربهم ..... حب؛ وهم في خدمة الأعداء؟

وبأي أرض يحكمون وأرضنا ... لم يتركوا منها سوى الأسماء؟

وبأي شعب يحكمون، وشعبنا ......متشعب بالقتل والإقصاء؟

يريدون منا أن نسكت وندعو للعقل والحوار، وهل بعد ماتعيشه الأمة من ظلم واستبداد دام عشرات السنين ثم يتحول اليوم إلى جرائم بحق الإنسانية وحق الشعوب على أيدي تلك الأنظمة الطاغية الفاسدة، هل بعد هذا كله يجوز أن تمتد يد لهذه الأنظمة.

أمن التأدب أن أقول لقاتلي  ...  عذراً إذا جرحت يديك دمائي؟

إن لم يكونوا ظالمين فمن ترى  .... ملأ البلاد برهبة وشقاء

إن لم يكونوا خائنين فكيف .....مازالت فلسطين لدى الأعداء

خمسون عاماً والبلاد رهينة  .....  للمخبرين وحضرة الخبراء

خمسون عاماً والشعوب تفيق من ....  غفواتها لتصاب بالإغماء

خمسون عاماً والمواطن ماله  ....شغل سوى التصفيق للزعماء

خمسون عاماً والمفكر إن حكى .... وهبت له طاقية الإخفاء

خمسون عاماً والسجون مدارس .... منهاجها التنكيل بالسجناء

خمسون عاماً والقضاء منزه ..... إلا من الأغراض والأهواء

فالدين معتقل بتهمة كونه ..... متطرفاً يدعوا إلى الضراء

لم يتلوث لساني بمدح حاكم عربي من هؤلاء الظلمة ولن يتلوث بإذن الله ومازال رأيي فيهم هوهو،، والأيام تثبت فسادهم وطغيانهم وإجرامهم بحق أمتنا، وسأظل أرفض فسادهم وأحذر الناس من أن يكونوا عبيدا لهم أو أن يخافوا بطشهم:

وأُلقن الأطفال أن عروشهم ، زبد أقيم على أساس الماء ، وألقن الأطفال أن جيوشهم ، قطع من الديكور والأضواء ، وألقن الأطفال أن قصورهم  ، مبنية بجماجم الضعفاء .  جنون النظام الليبي
مع القذافي يوقن المرء أن الظالمين دركات كما أن الصالحين درجات، رأينا أنظمة فاسدة وطاغية، وسمعنا بحكومات وزعماء مجرمين، وشاهدنا كيف قتل بن علي ومبارك عشرات الأشخاص فلما يئسوا من استمرار حكمهم غادروا البلاد، لكن هذا الطاغية ضاعت إنسانيته كما ضاع منه الرشد والعقل من زمن قديم، زاد على كونه نظاما مخبولا بالإجرام العلني، وأنا على قراءتي للتاريخ لم أجد حاكما بغبائه وجنونه وبطشه إلا الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي أمر الناس بالعمل ليلا والنوم نهارا وحرم عليهم أكل الملوخية وابتدع غباء لم نجده إلا عند القذافي!!
لن أسرد قمعه لشعبه وكيف كان أصدقائي ونحن في أميركا يعانون ويحدثونني عن إجرام هذا النظام وكيف أن أحد أصدقائي الليبيين الذي كان معي في أميركا اعتقل 17 عاما حين عودته ثم خلوا سبيله لأنهم لم يجدوا له تهمة،، لن أذكر أو أتذكر كل هذا لأن هذا كله صغر بجانب المجازر التي يرتكبها هذا الطاغية واستخدامه للمرتزقة الذين أباد بهم العباد والبلاد وكيف يقتل شعبه بدم بارد وعقل مجنون، لكنه لن يثني المجاهدين والثوار عن عزيمتهم، فقبله قتل شاه إيران 17 ألفا في يوم واحد لكن ثورة الشعب انتصرت في النهاية.
ذرية بعضها من بعض
كان الناس مخدوعين بمن سمى نفسه سيف الإسلام ابن معمر القذافي،، لكنني لم أنخدع به يوما وكنت أرى فيه امتدادا لوالده وهاهو يظهر على طبعه وينكشف أخلاقه ونوايا (والذي خبث لايخرج إلا نكدا) فهل هناك من حاكم واع يهدد شعبه ويخوف أمته بالقتل والدمار كما فعل القذافي وابنه؟!!
ليبيا الخير
الشعب الليبي شعب طيب كريم شهم مجاهد،، وهذا ليس غريبا عنهم فهم أحفاد عمر المختار، كما أنه من أكثر الشعوب التي رأيتها تدينا والتزاما ومحافظة، ويكفي أن تعلم أن عدد سكان ليبيا يقارب 6 ملايين نسمة بينهم حوالي مليون فرد يحفظون القرآن غيبا!!
وقد أكرمهم الله بالنفط والغاز والثروات الطبيعية والزراعة والماء لكن هذه الخير كله لم يظهر أثره على البلاد لأنها منهوبة ولأن زمرة الظلمة المجرمين من القذافي وأبنائه وأعوانه لم يسخروا هذا الخير في تطوير وخدمة البلد وتوصل الإحصائيات الأموال التي أهدرها القذافي خلال سنوات حكمه إلى 200 مليار دولار!!
إحصاءات رسمية
وحتى لانتجنى ويظن البعض أننا نبالغ فإنني أترك الإحصاءات الرسمية تنبئكم عن حجم الجريمة التي نفذها وينفذها هذا الظالم في بلده. ففي إحصائيات 2010 لمنتدى الاقتصاد العالمي والذي قاسوا فيه 139 دولة كانت نتيجة ليبيا 111 من أصل 139 في المؤسسات و95 في البنية التحتية و115 في الصحة والتعليم الأساسي و95 في التعليم العالي و130 في التنمية الاقتصادية من أصل 139 دولة،، هذا كله علما أن ترتيب ليبيا في توفر المال حسب نفس المصدر هو 7 بين تلك الدول!! مال وفير وتنمية معدومة، خير كثير لكن انعكاسه على واقع البلد صفر أو قريب من الصفر.
إلى شعبنا الليبي
اصمدوا وتوكلوا على ربكم وتعاونوا وتوحدوا ولا يحزنكم مايجلبه هذا الظالم من مرتزقة وأعوان فإنني على يقين أن ثورتكم هذه ستنتج نصرا بإذن الله يعوضكم عن سنوات الهوان والقهر والظلم .. وأنا لا أوجه نداء إلى هذا النظام لأنه غبي لا يعي، متكبر لايبصر، مجرم لايشعر، لكن أقول لشعبنا إن قلوبنا وألستنا وأوقاتنا معكم ولكم حتى تتحرروا من جبروت هذا النظام.
اللهم ثبتهم وانصرهم وأرنا في الظالمين خزي الدنيا قبل عذاب الآخرة.


دروس من الإسراء والمعراج 28 رجب 1432هـ - 1 يوليو 2011م


خطبة الجمعة  28 رجب 1432هــ - 1 يوليو 2011م



الموضوع : دروس من الإسراء والمعراج
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله العظيم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا  من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير يقول تعالى" سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله يقول النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "كلكم يدخل الجنة إلا من أبى قالوا ومَن يأبى يا رسول الله قال مَن أطاعني دخل الجنة ومَن عصاني فقد أبى"، اللهم صلِّ وبارك على هذا النبي وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا أما بعد؛؛؛
أيها المسلمون: كانت الأحداث التي أحاطت بالنبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- مقدمةً لمعجزة الإسراء والمعراج فكانت هذه المعجزة تسرية وتسلية لرسول الله واحتفاء به في ملكوت السموات بعدما لاقى من عنت القوم ، وبعد وفاة زوجته وعمه ولجوئه إلى الله مناجيًا له لما يلقاه من أهل الأرض فيقول له ربه "وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ"، وهذه إشارة لرسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- أنَّ ربَّه الذي كلَّفه بهذه الرسالة السامية بلا شك سينصره رغم هذه الشدائد فهل تعلمت الأمة من رسولها أيها المسلمون أن الحديث عن الإسراء لا نريد به القصة بقدر ما نريد منه الدروس والعبر فالأحداث العظيمة تتم وتقع لنتعلم منها ونخرج منها بالدروس والعبر التي نسير عليها.
ومن هذه الدروس :   
أولاً : أمة مسبحة : تبدأ السورة بكلمة (سبحان الذي أسرى بعبده ) وسبحان معناها التنزيه والتعظيم والإجلال لصاحب هذه المعجزة من ألفها إلى يائها ، فقد كانت المعجزة كلها بقدر الله وبقدرة الله عز وجل ،  وعلى الأمةَ أن تتعلم درس التسبيح والتعظيم والتمجيد لله عز وجل ، فتعيش الأمة مسبحه لله ذاكرة لله سبحانه وتعالى،لسان كل فرد فيها رطب بذكر الله ، فتعيش الأمة موصولة بذكرها وتسبيحها لله عز وجل،  ولما لا تعيش الأمة مسبحة لربها والكون كله مسبح لله يقول تعالى" وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ "   فالكون كله مسبح لله عز وجل ذاكرٌ لله تبارك وتعالى.
 عباد الله :كل عبادة في هذا الدين الحنيف لها حد ووقت إلا الذكر ، فليس له حد ولا وقت ولا حال يقول تعالى" إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ  الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ "  فينبغي أن تعيش الأمة مسبحة لله وذاكرة له، فهذا الرجل الذي سأل النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- عن عبادة يسهل عليه تطبيقها وترفع درجته عند ربه فأمره المعصوم- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بذكر الله  فعن عبد الله بن بسر المازني " أن رجلا قال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به قاللا يزال لسانك رطبا من ذكر الله ".  
أيها المسلمون: أن تعيش الأمة مسبحة هذه كانت وصية خليل الله إبراهيم للمعصوم- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- في هذه الرحلة المباركة فعندما صعد النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- إلى السماء السابعة وجد خليل الله إبراهيم ساندًا ظهره إلى البيت المعمور فقال له : " يا محمد أقرأ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنةَ طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله".. فهل تعلَّمت الأمة كيف تغرس لنفسها في جنة الله؟
أيها المسلمون: إن الأمة الذاكرة لربها أمة منصورة لأنها أمة موصولة بالله، وأما الأمة الناسية لربها المعرضة عن هديه ومنهاجه فهي أمة  قال القرآن فيها" وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى"  .
إن الذكر الحقيقي لله تعالى هو خير أعمال العبد وأزكاها عند ربه ،يرفع درجته ،  وهو خير للعبد من إنفاق الذهب والفضة ، بل وخير له من الجهاد قال صلى الله عليه وسلم "  ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى قال: ذكر الله قال معاذ: ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله.
أيها المسلمون: من هنا نقول إن الدرس الأول هو التسبيح والذكر لله عزو وجل، بمعنى أن يكون للمرء ورد ذكر في يومه وليلته، فما ترك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أمرًا إلا وعلمنا فيه ذكرًا ودعاءً، ذكر الاستيقاظ من النوم، دخول الخلاء والخروج من الخلاء، لبس الثياب، الطعام، الخروج من المنزل، ركوب الدابة.. كل شيء حتى تعود إلى نومك.. فهل شغلنا أنفسنا بذلك وكانت ألسنتنا رطبةً بذكر الله عبيدًا وعبادًا؟
أيها المسلمونالدرس الثاني : شرف العبودية
 في هذه الرحلة المباركة  قال الحق سبحانه " أسرى بعبده" ولم يقل برسوله أو نبيه أو حبيبه أو خليله، فلله عز وجل في كونه عبيد وعباد، فكلنا عبيد الله الطائع فينا والعاصي والمؤمن فينا والكافر والعياذ بالله، ولكن عباد الله هم الذين أخلصوا له فاتحد اختيارهم مع منهج الله سبحانه وتعالى،  فما قال لهم افعلوه فعلوه وما نهاهم عنه انتهوا؛ ولذلك عندما يتحدث القرآن عن المخلصين بين خلق الله لا يسميهم عبيد ولكن يسميهم عبادًا يقول تعالى: "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا " ، والحق سبحانه وتعالى قد استخدم كلمة عبده هنا ليلفتنا إلى حقيقتين هامتين؛ الأولى : أن الإسراء كان بالروح والجسد ولم يكن منامًا، والثانية والأهم : أن الله جل جلاله يريد أن يثبت لنا أن العبوديةَ له هي أسمى المراتب التي يصل إليها الإنسان، فالعبودية لله عزة ما بعدها عزة وعطاء ما بعده عطاء ففي سورة الكهف يقول الحق" فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا".
أيها المسلمون: إن العبودية لله شرف والعبودية للبشرية نقيصة وذلة؛ لأن السيدَ يريد أن يأخذ خير عبده وأن يجرده من كل حقوقه وماله، ولكن العبودية لله عطاءٌ ولله در القائل:
ومما زادني شرفاً وتيهاً ....وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي ...وأن صيرت أحمد لي نبيا
فكفى بالمرء عزًا أن يكون عبدًا وكفى به فخرًا أن يكون الله له ربًا، ويقول الحق في حقِّ نبيه نوح : "ُذرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا" ، ويقول أيضًا في حق الفئة الغالبة" فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولاً" ؛ بل خُيِّر رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- بين أن يكون نبيَّا ملكًا أو عبدًا رسولاً فاختار أن يكون عبدًا رسولاً.. وبهذه العبودية وصل رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- إلى مكانٍ لم يصل إليه ملكٌ مقربٌ ولا نبي مرسل، بل كان رسول الله يجتهد أن يصل إلى هذه العبودية الحقة بقيامِ الليل حتى تورمت أقدامه فلما أشفقت عليه زوجه عائشة- رضي الله عنها- وقالت: يا رسول الله هون على نفسك فأنت الذي غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.. فقال المعصوم- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "يا عائشة، أفلا أكون عبدًا شكورًا"، بل طلبَ من أمته ذلك؛ فقال- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم، ولكن قولوا عبد الله ورسوله".
أيها المسلون: اعلموا أن التمكين والنصر والتأييد والأمن والأمان لا يكون إلا لعباد الله عز وجل المخلصين قال تعالى " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا" .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه .
الخطبة الثانية  
الحمد لله رب العالمين ولا عدوانَ إلا على الظالمين، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله ، بلَّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وكشف الله به الغمة، وجاهد في سبيل الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فجزاه الله خير ما جازى به رسولاً عن قومه ونبيًّا عن أمته.. اللهم آمين أما بعد:
أيها المسلمون: الدرس الثالث : مكانة الليل  لماذا كانت الرحلة والمعجزة ليلاً ؟.. أراد الله أن يُلفت الأمة إلى قميةِ الليل ومكانته حين يقسم بالليل في أكثر من موضع، والله لا يقسم إلا على عظيم، وعلى هذه الأمة التي رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نبيًا ورسولاً وبالقرآن حكمًا ومنهاجًا وشريعةً ودستورًا أن تُعظِّم ما عظَّم الله تعالى فتدرك خير الليل وتستفيد من بركات الليل؛ لأن الليل له رجاله إذا نامت العيون وهدأت النفوس وخلا كل حبيب بحبيبه.. فكان رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- يكره السهر بعد العشاء إلا لضرورةٍ، وكان أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فرسانًا بالنهار رهبانًا بالليل إذا جنَّ الليل سمعت لهم دويًّا كدوي النحل.
أيها المسلم الكريم : لا بد أن تدرك قيمة الليل وتعرّض نفسك لرحمات الله وبركات الله وخاصةً عندما ينزل الحق تبارك وتعالى في الثلث الأخير من الليل ويقول: ألا من سائل فأعطيه إلا من داعي فأجبه ألا من مستغفر فأغفر له ، ألا من كذا ألا من كذا حتى يؤذن الفجر .
 أحباب رسول الله : الليل له رجاله يقل الحق فيهم " كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ  وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ"  ويقول عنهم : " تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ"   ولقد فطن أعداء هذه الأمة لهذا فحاربوا الأمة في ليلها ، فاسهروها الليل فيما لا يفيد وأناموها بالنهار فضاع عليها الكثير من بركات الليل وخيرات النهار .
أيها المسلمون: الدرس الرابع: مكانة المسجد لقد ربط القرآن الكريم الرحلة في بدايتها ونهايتها بالمسجد، فالخروج من مسجد والانتهاء إلى مسجد لتعلم الأمة قيمة المساجد ومكانتها في الإسلام، فهو بيت الأمة الذي اهتمَّ به رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- في بداية بناء دولة الإسلام، فالمسجد له مكانته وله دوره ، ولا بد أن يعود دور المسجد وتعود رسالة المسجد حتى يتخرج فيه الرجال الذين يحملون دعوة الله ويبلغون رسالة الله ، هؤلاء الذين قال الحق فيهم" فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ  لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ". وخير المساجد بعد المسجد الحرام هو المسجد الأقصى ، أولى القبلتين وثاني الحرمين ومسرى رسولنا الكريم ، يجب على الأمة أن تذكره ولا تنساه ، وأن تعمل على استرداده بكل ما أوتيت من قوة ، وأن تجند لذلك جميع القدرات والإمكانيات والطاقات حتى يرده الله تبارك وتعالى إلى حظيرة الإسلام والمسلمين ،وهذا واجب على مسلم ومسلمة على ظهر الأرض ،  نسأل الله عز وجل أن يردَّ المسلمين إلى إسلامهم مردًا جميلاً.
أيها المسلمون الكرام : دروس الإسراء والمعراج أكثر من أن تحصى في خطبة ، وعلى كل عاقل أن يتدبر في هذا الحدث المبارك ليستخلص منه الدروس والعبر ثم يضع ذلك في حيز العمل والتنفيذ ، فهذا هو المهم ، هتف العلم بالعمل إن أجابه وإلا ارتحل . الدعاء .