بسم الله الرحمن الرحيم . إذا أردت أن تحفظ القرآن وتحصل على سند ، ما عليك سوى الاتصال بنا . كما يمكنك الحفظ معنا عبر الإنترنت
إذا أردت دراسة أحد علوم اللغة أو أحد المواد الشرعية فقط راسلني .::. إذا أردت إعداد بحث لغوي أو شرعي فنحن نساعدك بإذن الله

language اللغة

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

اذكر الله

25‏/07‏/2012

الموازنة بين المصالح والمفاسد وأثرها في الشأن المصري العام بعد الثورة: محمد عبد الواحد كامل



عنوان الكتاب: الموازنة بين المصالح والمفاسد وأثرها في الشأن المصري العام بعد الثورة
اسم المؤلف: محمد عبد الواحد كامل
النـاشر: دار اليسر
سنة الطبع: ط1- 1432هـ - 2011م
عدد الصفحات: 182

التعريف بموضوع الكتاب:
لاشك أن (مصر) بعد ثورة (25 يناير) تغير شأنها وأصبحت تمر بأحداث متسارعة؛ فقد فتح المجال للعمل السياسي والحزبي المنظَّم، وتطلع كثير من المتدينين إلى المشاركة في ذلك.
وكما هو معلوم أن المشاركة في هذه المجالات السياسية؛ كتكوين الأحزاب، والاشتراك في الوزارات والمجالس النيابية والتشريعية من البرلمانات، ومجالس الشورى، وغيرها من المؤسسات السياسية للدولة – حسب ما هو موجود في واقعنا المعاصر- محل خلاف بين العلماء، وقد تُكلم في هذا المجال، وصُنفت فيه تصانيف، فمنهم من رأى تحريمه، ومنهم من جوَّزه بضوابط معينة.
وكتابنا في هذا الأسبوع يتناول دراسة لقاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد في هذا الجانب، والتركيز على الجانب النظري التأصيلي لهذه القاعدة.
وقد قسم الباحث كتابه إلى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة:
جعل المقدمة مدخل للبحث بيَّن فيه أهميته، ومنهجه.
ثم تناول في الفصل الأول قاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد كمدخل تأصيلي مختصر، ذاكراً فيه أقوال العلماء، ومبيِّنا أن المصالح الخاصة قليلة الوجود، وأن الأفعال من حيث ظهور المصالح والمفاسد وخفاؤهما ضربان: ما خفيت عنا مصالحه ومفاسده، وما ظهرت لنا مصلحته وله حالان. كما ذكر فروع للقاعدة، وأقسام المصالح ورُتبها.
وتكلم في الفصل الثاني عن مصطلحي (الديمقراطية) و (الدولة المدنية) من خلال قاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد.
ففي المبحث الأول منه: تناول مصطلح (الديمقراطية) فعرَّف الديمقراطية، وذكر خصائصها، وآلياتها، ثم ذكر محاسن الديمقراطية، وعيوبها. كما ذكر تطبيق قاعدة الموازنة على التعامل مع (الديمقراطية)، وأنها ليست نظاماً إسلامياً، وأن النظام الديمقراطي فيه فساد كثير، وخَلُص الباحث: بأن التعامل المرحلي مع هذه الآلية دون الإقرار بكل تفاصيلها هو من جنس الموازنة بين المصالح والمفاسد، واختيار أخف الشَّرَّيْن، فالعلمانية الديمقراطية أهون من العلمانية الديكتاتورية.
وتحدث في المبحث الثاني من الفصل: عن مصطلح (الدولة المدنية) من خلال قاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد. بدأ بتعريف (الدولة المدنية) وبيَّن أنه مصطلح مشترك، ويختلف معناه باختلاف القائلين به، حيث يطلق ويراد به أمور مختلفة الحقائق، بعضها حق وبعضها باطل.
كما ذكر تطبيق قاعدة الموازنة على التعامل مع (الدولة المدنية)، وخَلُص الباحث: بأن الوصول إلى دولة مدنية بغير المفهوم العلماني الباطل، عن طريق آليات وسياسات تبقي على الهويَّة الإسلامية لمصر، والمرجعيَّة الشرعيَّة لها ما أمكن، وتوسع حرية الإسلاميين في الدعوة والتواصل مع الجماهير؛ أخفُّ الشَّرَّين وأهونهما إذا قوبلت بدولة علمانية صرفة أو ديكتاتورية مستبدَّة.
وفي الفصل الثالث: بيَّن تنزيل قاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد على المشاركات السياسية في الواقع المعاصر.
تحدث في المبحث الأول من الفصل عن تنزيل قاعدة النظر المصلحيِّ على المشاركات السياسية في الواقع المعاصر.
وفي المبحث الثاني منه، ذكر دلالة النصوص على تأييد النظر المصلحيِّ في جواز المشاركات السياسية في الواقع المعاصر.
وتناول في المبحث الثالث: ضوابط جواز المشاركات السياسية المعاصرة.
وأورد في المبحث الرابع: فتاوى جمع من العلماء المعاصرين بمشروعية المشاركات السياسية المعاصرة.
وفي الفصل الرابع والأخير: ذكر بعض حجج المانعين - المتعلقة بقاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد -والرد عليها.
وختم الباحث بحثه بخاتمة حث فيها على الدخول إلى المجالس التشريعية الحالية، وتولي الولايات في هذه الحكومات؛ تقليلاً للشرِّ، وحفاظاً على ما بقي من التشريع الإسلامي وهويَّة الأمَّة.
كما نوَّه الباحث بأن بحثه لم يكن الغرض منه حسم الخلاف في هذه المسألة، ولا حمل الجميع على ما يراه هو، ولكن يكفي تأكيد النظرية الاجتهادية القائلة بأنه: (لا إنكار في مسائل الاجتهاد)، وبأنَّ المسألة يسوغ فيها الخلاف، ومتى كان الخلاف بتلك المثابة؛ تعيَّن ترك الإنكار وإظهار المخالفة، وعدم التشويش على العامة.
نسأل الله أن يبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعته، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، وتقام فيه حدود الله.
والكتاب محاولة جادة لتطبيق قاعدة المصالح والمفاسد في واقعنا المعاصر وننصح بقراءته.

تحرير المرأة - مقال رائع للعلامة محمد البشير الإبراهيمي

من روائع المقالات القديمة

تحرير المرأة
محمد البشير الإبراهيمي
حرر الإسلام المرأة من ظلم الرجال وتحكمهم، فقد كانت المرأة في العالم كله في منزلة بين الحيوانية والإنسانية، بل هي إلى الحيوانية أقرب، تتحكَّم فيها أهواء الرجال، وتتصرف فيها الاعتبارات العاديَّةُ المجرَّدة من العقل، فهي حيناً متاعٌ يُتخطَّف، وهي تارة كرة تُتلقَّف، تُعتبر أداة للنسل، أو مطيَّةً للشهوات.
وربَّما كانت حالتها عند العرب أحسن، ومنزلتها أرفع، يرون فيها عاملاً من عوامل ترقيق العواطف، وإرهاف النفس، ودواءاً لكثافة الطبع، وبلادة الحسّ، ويجدون فيها معانيَ جليلةً من السموِّ الإنساني، وأشعارهم- على كثرتها- عامرةٌ بالاعتراف بسلطان المرأة على قلوبهم، وبشرح المعاني العالية التي يجدونها فيها.
ولا عبرة بما شاع عنهم من وأد البنات؛ فإنه لم يكن عامَّاً فاشياً فيهم، وتعليله عند فَاعِلِيْهِ يُشعر أنه نتيجة حبٍّ طغى حتى انحرف، وأَثَرُ عقلٍ أسرف في تقدير العواقب، لا نتيجة كراهيةٍ لنوع الأنثى.
وعلى كلِّ حال فالوَأْدُ خطأ كبير، وجريمة شنيعة، وشذوذ في أحكام الرجال خارجٌ عن نطاق الإنسانية، وحسبه تسفيه قوله تعالى:{أَلا سَاْءَ مَاْ يَحْكُمُوْن}.
وجاء الإسلام فنبَّه على منزلتها، وشرفها، وكرم جنسها، وأعطاها كلَّ ما يناسب قوَّتها العقلية، وتركيبها الجسمي، وسوَّى بينها وبين الرجل في التكاليف الدينية، وخاطبها بذلك استقلالاً؛ تشريفاً لها، وإبرازاً لشخصيتها، ولم يجعل للرجل عليها سبيلاً في كلِّ ما يرجعُ إلى دينها وفضائلها، وراعى ضعفَها البدني بالنسبة للرجل، فأراحها من التكاليف المادِّيَّة في مراحلِ حياتها الثلاث: من يوم تولد إلى يوم تموت: بنتاً وزوجاً وأماً، فأوجب على أبيها الإنفاق عليها وتأديبها ما دامت في حِجْره إلى أن تتزوَّج، وهذا حقٌ تنفرد به البنت على الابن الذي يسقط الإنفاق عليه ببلوغه قادراً على الكسب، فإذا تزوَّجت انتقل كلُّ ما لها من حقٍّ أدبي أو مادي من ذمة الأب إلى ذمة الزوج، فتأخذ منه الصداق فريضة لازمة، ونِحْلَةً مسوَّغة، وتستحق عليه نفقتها ونفقة أولادها منه بالمعروف، فإذا خلت من الزوج ولها أولاد مكتسبون وجبت الحقوق على أولادها، ولا تُنفق شيئاً من مالها إلا باختيارها.
ووصايا القرآن والسنَّة وأحكامها في برِّ الأمهات معروفة، وهي أظهر من الشمس؛ فالإسلام أعطى المرأة وأولادها من الإعزاز والتكريم ما لم يُعطها إياه دينٌ آخرٌ، ولا قانونٌ وضعيٌّ، وأعطاها حقَّ التصرفِ في أموالها، وحقَّ التملك من دون أن يجعل للزوج عليها من سبيل، وأحاطها بالقلوب الرحيمة المتنوِّعة النوازع، المتلوِّنة العواطف: قلب الأب وما يحمل من حنان، إلى قلب الزوج وما يحمل من حب، إلى قلب الولد وما يحمل من برٍّ ورحمة؛ فهي لا تزال تنتقل من حضن كرامة وبر إلى حضن كرامة وبر إلى أن تفارق الدنيا، وبين المهد واللحد تتبوَّأ المراتب الكاملة في الإنسانية.
نرى من هذه المعاملة الصريحة للمرأة في الإسلام أنه سلَّحها بأحكام قطعية، وحماها بتشريع سماوي عادل، ولم يكلها إلى طبائع الآباء الذين يلينون ويقسون، ولا إلى أهواء الأزواج الذين يرضون ويغضبون، ولا إلى نزعات الأبناء الذين يَبرُّون ويعقُّون، وإنما هي أحكام إلهية واجبة التنفيذ، لا تدور مع الأهواء والعواطف والنزعات وجوداً وعدماً.
ولا يَنْقُضُ علينا هذه الأصول شُذاذُ العصور المتجاوزون لحدود الله الخارجون عن الفطرة الصحيحة كمسلمي زماننا الذين منعوا المرأة المسلمة كلَّ أو جُلَّ حقوقها، وحسب هؤلاء أنهم ظلموا أنفسهم قبل أن يظلموا المرأة، وأنهم هدموها، فهدمتهم من غير قصد في أبنائهم، وأفسدوا كونها، فحُرموا عونها.
وفي موضوع المرأة في الإسلام يتدخَّلُ علماءُ الغرب ملاحدةً ومُتألِّهين، ويتعاطون ما لا يُحسنون من القول في هذا الموضوع، ويجعلون منه ذريعةً للنيل من الإسلام.
ولقد ناظرنا جماعةً منهم في الموضوع، فأفحمناهم، وألقمناهم حجراً، قلنا لهم: هاتوا مثالاً نتناقش فيه، فقالوا: الميراث، قلنا: من أي جهة؟ فإنَّ المرأة ترث بعدة أسباب، فنظر بعضُهم إلى بعض، هل يراكم من أحد، وكادوا يتسلَّلون، وكأنهم كانوا لا يعرفون إلا أنَّ المرأةَ مظلومة في القرآن الذي يقول:{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْن}، فقال لنا أحدهم: نعني ميراثَ البنت مع أخيها، فقلت: أنتم قوم تبنون الحياة كلَّها على الحساب، فهلمَّ نتحاسب، ولنفرض أنَّ مُورِّثاً مسلماً مات وترك ابناً، وبنتاً، وثلاثمائة نقداً، قال الإسلام: للابن مائتان، وللبنت مائة، فقلتم: هذا ظلم، هذا غبن، هذا إجحاف، ولم تفهموا أنَّ الإسلام نظر إلى المرأة ككل، ونظر إلى مراحل حياتها الثلاث كمنظومة متناسقة، فإذا نقص لها في جزئية جبر لها في جزئية أخرى، ولنجرِ معكم على مثالنا ولا نخرج عنه، ولنفرض أنَّ الأخوين الذكر والأنثى تزوَّجا في يومٍ واحد، وليس لهما من المال إلا ذلك الميراث، فالذكر يدفع لزوجته مائة صداقاً، فيُمسي بمائة واحدة، وأخته تأخذ من زوجها مائة صداقاً فتُصبحُ ذات مائتين، والذكر مطلوب بالإنفاق على نفسه وزوجته وأولاده إن ولد، وأخته لا تُنفق شيئاً على نفسها ولا على أولادها.
فهذا هو الميزان العادل في الإسلام يتجلَّى من هذا المثال، وتتجلَّى منه رحمةُ الله في هذا المخلوق الذي ركَّبه الله على ضعف، ورشَّحه لحمل أعظم أمانة، وهي تربية الناشئة وإعدادها للحياة.

اختيار موقع الدرر السنية : www.dorar.net
المصدر: (آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي), دار الغرب الإسلامي، ط1، 1997م. ((4/360، 362)).

كتاب جديد : الإسلام والليبرالية - مواجهة صريحة - للكاتب علاء بكر



عنوان الكتاب
الإسلام والليبرالية – مواجهة صريحة
اســـم المــؤلف
علاء بكر
النـاشــــر
مكتبة فياض - المنصورة
سـنة الطبع
2011م
عدد الصفحات
400
التعريف بموضوع الكتاب
الليبرالية ذلك الوافد الغريب, والذي حاول - وما زال يحاول البعض زرعه في تربتنا, وتنميته في أرضنا, مع معرفته التامة أن هذا النبت الخبيث لا ينمو في هذه الأرض الطاهرة, فهو فكر منحل لم يجني منه زارعوه غير الانحلال والتهتك, والإلحاد, والتضارب في المعتقدات والأفكار, مما جعلهم يعيشون في فوضى عارمة على كافة الصعد الأخلاقية, والاجتماعية, والاقتصادية, والسياسية.
هذا الفكر الذي يستحيل أن يجتمع معه ديننا الإسلامي أو يتعايش معه, بل لا بد من مواجهته مواجهة صريحة تبين عواره, وتكشف زيفه, وتوضح ضلاله وما يدعو إليه من انحراف وزيغ عن طريق النور والصلاح.
((الإسلام والليبرالية مواجهة صريحة)) هو عنوان كتابنا لهذا الأسبوع, حيث سنسلط الضوء أكثر على هذا الفكر الهدام.
الكتاب تألف من جزئين كل جزء أفرد فيه المؤلف طرفاً من أطراف المواجهة:
الجزء الأول: عنون له المؤلف بـ (( هذه هي الليبرالية)), حيث تناول في بدايته تعريف الليبرالية, وأنها كلمة غير عربية تعني الحرية, وهي كمصطلح عبارة عن مذهب فكري يركز على الحرية الفردية, ويرى وجوب احترام استقلال الأفراد ...)) وكانت نشأته كردة فعل لظلم الكنيسة, والاقطاع في أوربا.
كما تكلم المؤلف عن أسس الليبرالية, فذكر أنها تقوم على قسمين من الأسس الفكرية: أسس انفردت بها عن غيرها, وتميزت بها وهي التمسك بالحرية, والفردية, وجزء تشترك فيه مع غيرها, وهو يتضمن العقلانية وروح التسامح.
لماذا ظهر الفكر الليبرالي في أوربا؟
يطرح المؤلف هذا السؤال ليوضح الأسباب التي دعت إلى ظهور الفكر الليبرالي, حيث بيَّن أن ظهور الأفكار الليبرالية كانت كردة فعل على الاستبداد الذي تسلط على الأوربيين قروناً طويلة من قبل الأباطرة, والملوك, والأمراء, والإقطاعيين, وأصحاب النفوذ من ناحية, ومن ناحية أخرى كانت المؤسسة الدينية المتمثلة في الكنيسة الكاثوليكية وعلى رأسها البابا, وكبار رجال الكنيسة.
ثم تحدث المؤلف عما عانته أوربا من استبداد سواء كان كنسياً, أو سياسياً, أو اقتصادياً, مبيناً كيف استطاعت أوربا التحرر من نير هذه الاستبدادات.
وتحت عنوان (( نشأة الفكر الليبرالي وتغلغله)) تحدث المؤلف عن نشأة الثورة الأوربية على الأوضاع المتردية, وبداية استعمال كلمة ليبرالية, وكيف أن هذه الكلمة قد تعددت تعريفاتها بتعدد البيئة الناشئة فيها, ليتحدث بعد ذلك عن تطور الفكر الليبرالي في أوروبا, والتحولات الفكرية المتدرجة, بداية بإحياء الآداب الإغريقية, ومحاولة الإصلاح الديني, والأخذ بالفكر التجريبي المادي, وظهور الطبقة الوسطى.
ثم تحدث المؤلف عن نشأة الكنيسة البروتستانتية, والتي تعد هي أيضاً من الحركات الإصلاحية التي ثارت ضد الكنيسة الكاثوليكية, وبينت عوراتها, متحدثاً عن مؤسسيها, وكنائسها. كما تحدث عن الليبرالية الدينية كحركة مرتبطة بالبروتستانتية المعاصرة.
بعد ذلك تحدث عن تفسير الليبرالية عند أحد أبرز مفكريها وهو ( جون ستيورات مل) وهو ممن نظر لها في كتابه ( on liberty), والذي يعد مرجعاً لفكر الليبراليين العرب, متناولاً بعض المذاهب ذات الارتباط بفكر الليبرالية كمذهب اللذة, والمنفعة, والبرجوزاية, وعن تعدد الاتجاهات والتيارات الليبرالية, كالليبرالية السياسية, والاقتصادية, والاشتراكية وغيرها.
تعرض المؤلف بعد ذلك للكساد الاقتصادي الكبير الذي هز العالم في عام 1929م والذي كان من نتائجه ظهور الليبيرالية الاجتماعية كمخرج من السقوط, وتحدث عن الدولة والمجتمع في الفكر الليبرالي, واختلاف الليبراليين في كيفية تنظيم المجتمع.
اتجه حديث المؤلف بعد ذلك نحو ما يمكن أن نسميه أنواع واتجاهات الليبرالية: كالليبرالية السياسية, والاقتصادية, والاجتماعية, فعددها وتحدث عنها. وتحدث عن تفوق الليبرالية الأمريكية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي, وعن موقف الليبراليين تجاه الحرب والسلام.
انتقل المؤلف بعد ذلك إلى موضوع غاية في الأهمية, وهو ظهور الفكر اللليبرالي في بلادنا, فابتدأ بالحديث عن مجيء الحملة الفرنسية التي سببت حالة من الذهول لدى المصريين بسبب الفارق العلمي والمادي بينهم وبين الأوربيين, مروراً بما فعله محمد علي من نشاطات كالبعثات العلمية, وحركات الترجمة للكتب الأوربية, وظهور الطباعة, والصحافة التي لعبت دوراً بارزاً في التعريف بالفكر الأوربي.
وعن العوامل التي ساعدت في ظهور هذا الفكر في بلاد الإسلام, عدد المؤلف بعضاً منها, فذكر من ذلك: بعد المسلمين عن دينهم, وانتشار الانحرافات والبدع, والاستبداد السياسي, والجمود والتقليد وترك الاجتهاد, وجهود التغريب المبذولة من الدول الأوربية والاستعمارية.
وذكر المؤلف مجموعة من الرواد الأوائل للفكر الليبرالي في عالمنا العربي, كرفاعة الطهطاوي, وعلي مبارك, وجمال الدين الأفغاني, والشيخ محمد عبده وغيرهم, كذلك تناول بعضاً من الأحزاب المصرية التابعة لهذا الفكر, كحزب الأمة, وحزب الأحرار الدستوريين, وحزب الوفد وغيرها.
وبيَّن المؤلف أن الفكر الليبرالي يقوم على إطلاق الحريات, وعلى العلمانية والتغريب, مبيناً أن الليبراليين الأوائل قد بنوا جهودهم على الدعوة للحريات, والعلمانية, والتغريب.
وعن التيارات الليبرالية في بلاد العربية تحدث المؤلف وعدد بعضاً منها, فذكر من ذلك تيار التوفيق بين الليبرالية والإسلام, وتيار الليبرالية القومية, وتيار الليبراليين الجدد, كما تحدث عن الإسلام الليبرالي وما يعنيه.
وتناول المؤلف بالحديث الليبراليين العرب الجدد, والذين يرتمون في أحضان الغرب ويوالونه ولاء مطلقاً, فهم يتشكلون وفق خططه وترتيباته, ويملكون ضغطاً إعلامياً كبيراً يستغلونه لتحقيق مصالحهم, ويتمتعون بمساندة القوى الغربية, وهو قريبون من صانعي القرار في النظم العربية, وذكر أمثلة لهؤلاء, وأوضح أنهم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
<!--[if !supportLists]-->1. <!--[endif]-->ليبراليين حكوميين.
<!--[if !supportLists]-->2. <!--[endif]-->ليبراليين غير منفصلين عن الحكومة.
<!--[if !supportLists]-->3. <!--[endif]-->ليبراليين مستقلين.
الجزء الثاني: وحمل هذا الجزء عنوان ((هذا هو الإسلام)), عرف فيه المؤلف الإسلام بتعاريف عدة, تبين معناه وتوضح ما يدعو إليه.
ليتحدث بعد ذلك عن أنه الدين الحق, وأن التشريع حق لله تبارك وتعالى, كما بين وجوب عبادة الله تبارك وتعالى وطاعة أمره, وهذا ما يقوم عليه الدين الإسلامي, وتخالفه الليبرالية البغيضة, والاستخلاف والتمكين مرهون به.
كما نقض المؤلف مقولة ((الدين لله, والوطن للجميع)) مبيناً أن الدين والوطن جميعاً لله تبارك وتعالى, وأنه لا سيادة إلا للإسلام, ولا سيادة لسواه.
كما أوضح المؤلف أن التشكيك في ثوابت الإسلام حتى تتوافق مع الرؤية الغربية المدنية هي وظيفة الليبراليين.
ومما تناوله المؤلف أيضاً قضية المجتمع المسلم بين ثباته ومواكبته للتطور, موضحاَ الحرية من منطلق ومنظور إسلامي والتي تعني الحرية الرشيدة والمسؤولة والتي تبغي الخير للأمة, والمصلحة للمجتمع, وتنأى بمن يمارسها عن الفوضوية, وإثارة الفتنة, وتحدث المؤلف أيضاً عن مكانة القيم الدينية في حياة المسلم, موضحاً خصائصها التي تبنى عليها.
ومما بينه المؤلف أيضاً أن الإسلام دعوة للتحرر لكن لا كتحرر الليبرالية, بل هو تحرير للنفس من العبودية لغير الله, وتحريرها من عوامل الضعف والخوف والفقر.
وبين أن التعددية والتسامح بالمنظور الليبرالي مرفوض, لأن قبولهما يعني تقبل المنظومة الفكرية المتكاملة المبينة على أسس معرفية, وفلسفة غربية للحياة.
وعن حكم الإسلام في الليبرالية بين المؤلف أن الأخيرة جمعت صوراً متعددة من الكفر, فهي تستحل الحكم بغير ما أنزل الله, ولا تعترف بحكم الله ولا تقر بشريعته, وقد أجمع العلماء على أن المستحل لما حرمه الله تعالى مما هو معلوم من الدين بالضرورة ومتواتر فهو كافر خارج عن دين الإسلام, وقد نقل المؤلف عددا من الفتاوى في حكم الفكر الليبرالي, ليبين بعد ذلك أنه لا مكان للفكر الليبرالي في الإسلام،
والكتاب جيد ومفيد.

من روائع المقالات القديمة : استقبال شهر رمضان للعلامة الراحل أحمد محمد شاكر " يرحمه الله "



من روائع المقالات القديمة

استقبال شهر رمضان
أحمد محمد شاكر
نشر سنة 1361هـ

لقد أظلَّكم شهر رمضان؛ شهر الصيام، شهر العبادة، شهر سمو الروح ونقائها، ويوشك أن تصبحوا غدًا صائمين... فهل أعددتم العدة لاستقباله؛ فحاسبتم أنفسكم على ما أسلفتم من خير، تحمدون الله عليه، وتسألونه التوفيق إلي المزيد منه، أو شرٍّ تأسفون عليه، وتتوبون وتستغفرون الله منه، وتسألونه أن يحفظكم من العودة إليه.
هكذا يُستقبل شهر رمضان، وأخشى أن يفهم كثير من الناس أن رمضان يُستقبل بالاحتفالات الرسمية، والاستعداد للتألُّق في المأكل والمشرب، والاستكثار من ألوان الطعام والشراب، والاستعداد لأصناف من اللهو واللعب في السهرات، ثم لا يفكرون فيما وراء ذلك!
أيُّها الناس: إنَّ الله شرع لكم الصيام تطهيرًا لأرواحكم، وحفظًا لها من طغيان الجسد وشهواته، ولم يشرعه لتقاسوا آلام الجوع والعطش فقط، ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم يَدَع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)).
شرع الله لنا صيام نهار رمضان، وقيام ليله، فجعله شهر عبادة، بذكر الله وقراءة القرآن، والإكثار من الصلاة، وخاصة صلاة الليل، وجعل ثوابه أعظم الثواب.
وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلَّا الصوم؛ فإنَّه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلى . للصائم فرحتان : فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك)).
أيُّها السادة: إنِّي أرى في كثير مما اتخذنا من العادات في الصوم ما ينافي حقيقته، بل ما يحبط الأجر عليه، بل ما يزيد الإنسان به إثمًا. فَهِمنا أنَّ معنى قيام الليل، سهر الليل، فسرنا نسهر في القهوات والنوادي، لا نفكِّر إلا في اللهو واللعب، إلي ساعة متأخرة من الليل، ثم نأكل ما شاء الله أن نأكل، ثم نصبح مرهقين متعبين، قد ضاقت صدورنا، واضطربت أعصابنا، وساءت أخلاقنا، فلا يكاد اثنان يتحدثان، حتى ينفجر الغضب، وتثور الثائرة، وتتدفَّق الألفاظ النابية، إلي ما ترون من حال، كلُّكم تعرفونها، وقد تعتذرون لصاحبها بأنَّه صائم. ولا استثني من ذلك أحدًا إلا من عصم الله. فانظروا وتفكروا، وقارنوا هذه الحال الشاذة الشائعة في الصوم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم إني صائم)). وذلك أنَّ الصائم ينبغي أن يكون هادئ النفس، رضي الخلق، يضع نصب عينه أنَّ الصيام جُنَّة له من الآثم، جُنَّة له من سوء الخلق، جُنَّة له مِن المعاصي، جُنَّة له من فحش القول، جُنَّة له من قول الزور والعمل به.
والذي ينبغي لكم في هذا الشهر المبارك– إن سمعتم لنصحي– أن تتَّبعوا شريعتكم في الصيام ؛ فتقتصدوا في الطعام والشراب، عند الفطور وعند السحور، وأن تجعلوا سهركم، إن سهرتم، في قراءة القرآن وتدبُّره، ومن استطاع منكم أن يقوم الليل فليفعل ؛ وذلك أن يصلي في بيته أو مسجده ما شاء الله له أن يصلى. وهذه هي صلاة التراويح التى غُيِّرت عن أصلها، فصار المصلون ينقرونها سراعًا في وقت تصير بعد صلاة العشاء، صلاة لا تنفع ولا تقبل، وإنما الصلاة ما كانت في خشوع وطمأنينة، وكلما أخَّرها المصلِّى إلي ما بعد الثلث الأول من الليل كان أفضل. ثم ينام أحدكم ما شاء الله له أن ينام، ثم يقوم قبل الفجر فيطعم طعامًا خفيفًا للسحور، ثم يصلي الفجر، وإن شاء نام بعد ذلك، وإن شاء تصرَّف في شأنه وعمله.
أمَّا الذين يأكلون عند انقضاء سهرتهم، ثم ينامون إلي ما بعد طلوع الشمس- فإنهم يخالفون سنة الإسلام في السحور، وأخشى أن يذهب تركهم صلاة الفجر بثواب صيامهم، فلا هم صاموا ولا هم أفطروا. وليس لله حاجة في أن يدعوا طعامهم وشرابهم، إذ لم يطيعوا أمره ؛ ولم يأخذوا بسنة نبيه، وإذ أضاعوا صلاة الفجر عن وقتها عمدًا.
أيُّها السادة: إنَّ الأُمَم تُصهر الآن في النيران، عقابًا لها على ما كفرت بأنعم الله، ولعلَّ الله قد صان بلاد الإسلام من كثير مما يلاقي غيرها، لحكمة يعلمها؛ ومأثرة يدَّخرها لهم، أن يعود للإسلام مجده، وأن يعود المسلمون حكام الدنيا كما كانوا. ولكن هذا إذا كانوا مسلمين، وإذا تمسَّكوا بدينهم، وأقاموا شريعته، واهتدوا بهديه. والنُّذُر من بين أيديكم ومن خلفكم، فاعتبروا واخشوا ربكم، فقد ترى من تهافت المسلمين على المنكرات، ما نخشى أن يعمَّهم الله بالعقاب من أجله، وها أنتم أولاء ترون المجاهرين بالمعاصي، لا يخافون الله، ولا يستحيون من الناس، ولا يخشون عاقبة ما يصنعون.
وقد كان مما نرى من مجاهرتهم ربهم بالحرب؛ أن يجاهروا بالإفطار في رمضان في الطرقات، والأماكن العامة، وفي دواوين الحكومة، يزعمون أنهم يحتمون بما يدعونه الحرية الشخصية، وما هكذا كانت الحرية، وما هكذا تكون الأمم في تمسكها بمقوماتها وعاداتها وشعائر دينها. وكان هذا العمل يؤذي المسلمين الصادقين في شعورهم، ويحرج صدورهم .
وقد وفق الله الرجل الصالح: الزعيم الجليل، صاحب المقام الرفيع مصطفي النحاس ، فأصدر بالأمس القريب كتابًا عظيمًا في هذا الشأن؛ حفظ على المسلمين كرامتهم وصان لهم شعورهم، ورفع الحرج عن قلوبهم. فأمر أن لا يجاهر مفطر بفطره؛ مسلمًا كان أو غير مسلم، احترامًا لحق الأمة في الاستمساك بشعائرها وتقاليدها. فكان عمله عمل رجل يعرف ما يريد، ويعرف كيف يضع الأمور مواضعها ، مستعينًا متوكلًا عليه.
اختيار موقع الدرر السنية: www.dorar.net
المصدر: كتاب (جمهرة مقالات العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر)، اعتنى بها عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل - دار الرياض 1426هـ، (1/421) بتصرف.