بسم الله الرحمن الرحيم . إذا أردت أن تحفظ القرآن وتحصل على سند ، ما عليك سوى الاتصال بنا . كما يمكنك الحفظ معنا عبر الإنترنت
إذا أردت دراسة أحد علوم اللغة أو أحد المواد الشرعية فقط راسلني .::. إذا أردت إعداد بحث لغوي أو شرعي فنحن نساعدك بإذن الله

language اللغة

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

اذكر الله

31‏/05‏/2012

الداعية القدوة والسفر للسياحة ...مقال ممتاز


الداعية القدوة والسفر للسياحة
علوي بن عبد القادر السَّقَّاف
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
فقد ظهرت على بعض الدعاة في السنوات القليلة الماضية عددٌ من الظواهر السلبية، كان من أبرزها وربما أخطرها تراجع عدد منهم في أخذ الدين بقوة، ومجاهدة النفس على السير على خطى أسلافهم من أهل العلم والدعوة في القيام بأمر الشريعة، وتعظيم شعائر الله، الأمر الذي لا ينكره إلا مكابر، ولعل من أهم أسباب ذلك التراجع: تكالب أعداء الإسلام من خارج بلاد المسلمين ومن داخلها على شأن هذا الدين، وكثرة النقد اللاذع للمنهج الإسلامي الصحيح، ثم ما صاحب ذلك من نقدٍ آخر ذاتي، كان أكثر ميلاً إلى الهدم منه إلى البناء، لاسيما من بعض الدعاة الذين عتورهم شيء من الهزيمة النفسية، ناهيك عن شيوع فتاوى برامج الفضائيات والمعتمدة على ما يسمى بالتيسير بصرف النظر عن الدليل، الأمر الذي أنتج تراجعاً عند بعض الدعاة عن ذلك النهج الذي كانوا عليه إلى آخرَ هجين بين التميع والتميز؛ كل ذلك وغيره أدى إلى هذا الضعف العام الذي تشهده ساحة الدعوة، وخاصة فيما يتعلق بتميز أولئك الدعاة في عبادتهم وخلقهم ومظهرهم وربما طريقة تعاملهم مع قضايا الشريعة وأمور الدعوة، مما أدى إلى إفراز كثيرٍ من الظواهر المتعددة والمؤلمة والتي لم تكن تُعهد من قبل، وما ظاهرة السفر إلى خارج البلاد المحافظة التي يعيشون فيها، إلى أخرى مغايرة تماماً لتلك الطبيعة المحافظة، لا لشيء غير مجرد ما يعرف بالسياحة، أو الترويح عن النفس؛ إلا من هذه الظواهر.
وهنا نقول، بأن مِن الدعاة إلى الله مَن لا يكترث لهذا التميز أصلاً، فليس هو مقصودنا بهذا الحديث، وإنما مقصودنا أولئك الإخوة الذين اعتادوا أخذ هذا الدين بقوة {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} [الأعراف:145]، وأقاموا الشريعة بمأخذ الجد، فحملوا همَّ هذه الدعوة شهوراً متتابعة، طيلة العام باذلين أوقاتهم وجهدهم، منشغلين بدعوتهم عن ترفيه أنفسهم وأهل بيتهم وأبنائهم؛ فلا شك أن مثل هؤلاء قد يجدوا في أنفسهم، وفي من يعولون من أهلٍ وذرية، حاجة إلى شيء من الترفيه عن النفس بسفرٍ أو نزهةٍ أو ما شابه ذلك، وما من شك كذلك أن هذا أمر مباح لا بأس به، وقد يكون مطلوباً أحياناً، والأصل في السفر الإباحة، وقد يكون أحياناً مندوباً أو واجباً، ومرادنا في هذه المقالة ذلك السفر والانتقال إلى بلاد يكثر فيها الفساد والمنكر، من تبرجٍ وسفورٍ وتناول للخمور، وغيرها مما لا يخفى على أحد، كل ذلك وهذا الداعية والقدوة المسافر إلى تلك البلاد، يشهد ذلك كله أو بعضه، لكنه عاجز عن إنكار شيء منه، بل قد يلجأ إلى المكوث في موقع حدوث المنكر – كالمطارات، وأماكن التسوق، وبعض المطاعم، والطرقات - ساعات طوال، مشاهداً، أو مستمعاً، وترى كثيراً من هؤلاء الإخوة يتذرع بشبه واهية، لعل من أبرزها أنهم في رحلة إلى بلاد إسلامية، مع أن واقع كثيرٍ من هذه البلاد - للأسف - لا يختلف كثيراً عن أكثر بلاد الكفار من حيث مظاهر التبرج والسفور، والعري، وتناول الخمور، وفشو المنكرات.
ثم إن المرء ليعجب من قيام البعض منهم بحَثِّ الآخرين على الذهاب إلى تلك البلاد متذرعين بحجة المساهمة في تحسين الوضع الاقتصادي للمسلمين هناك!، ولم يفرق أولئك الإخوة بين ما يمكن أن يقال للمفرِّطين من المسلمين الذين يريدون الذهاب إلى بلاد الكفر، وبين ما لا ينبغي على الدعاة فعله لا سيما من هم في موطن القدوة ، وكم هو نفيس كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن حضور الأماكن التي تكثر فيها المنكرات، مع العجز عن إنكارها، -وهذا يشمل السفر والحضر- ، يقول رحمه الله في مجموع الفتاوى (28/239) : ((ليس للإنسان أن يحضر الأماكن التي يشهد فيها المنكرات ولا يمكنه الإنكار، إلا لموجب شرعي، مثل أن يكون هناك أمر يحتاج إليه لمصلحة دينه أو دنياه لا بد فيه من حضوره، أو يكون مكرهاً، فأما حضوره لمجرد الفرجة وإحضار امرأته تشاهد ذلك؛ فهذا مما يقدح في عدالته ومُروءته إذا أصرَّ عليه، واللّه أعلم)) انتهى. وهذا مبنيٌ على ما هو مستقر ومعلوم من الشريعة بأن الأصل وجوب الإنكار باليد، أو اللسان، - والغالب أن ذلك متعذرٌ في أكثر تلك البلاد- فإن لم يمكن، فإنكار القلب هو أضعف الإيمان، والإنكار بالقلب كما قال العلماء يكون ببغض المنكر وهجرانه والبعد عنه لا بالذهاب إليه اختياراً دون مصلحة دينية أو دنيوية راجحة، كما هو ظاهر من كلام شيخ الإسلام وغيره، فمن تلك المصالح الدينية طلب العلم والدعوة إلى الله، ومن الدنيوية العلاج المتعذر في بلاد تخلو من تلك المنكرات، والتجارة التي لا بد منها، ونحو ذلك، أمَّا مجرد الذهاب لغرض الفرجة، أو النزهة، أو السياحة، فليست من ذلك في شيء، فكيف بمن يذهب بزوجته وأبنائه وبناته الذين بلغ بعضهم سن المراهقة؟!
ولو أن الداعية القدوة تأمل تلك المحاذير الشرعية والمفاسد الأخلاقية المترتبة على هذا النوع من السفر لأعاد النظر فيه، أو تردد قبل الإقدام عليه، لا سيما مع وجود نوع آخر من المنكرات، كاضطرار الداعية المسافر لوضع صور زوجته، وبناته، في جواز السفر ومن ثم رؤية الرجال لهن عند نقاط التفتيش، ومعابر الحدود وغيرها، ومن ذلك أيضاً اعتياد أبناء الدعاة وبناتهم واستمراؤهم مشاهدة تلك المنكرات، وهم مع ذلك يرون أباهم الداعية القدوة لا يحرك ساكناً، بل ربما اضطر أحياناً إلى محادثة نساء متبرجات و التعامل معهن!، ومن جهة أخرى فإن تكرار مثل هذا السفر، يولد لدى أسرة الداعية رغبة في مزيد منه حباً في التعرف على بلد جديد أو ثقافة مختلفة، ولذلك قلما ترى مسافراً لهذه الأماكن عاماً إلا وتراه يسافر العام أو الأعوام التي بعده، ومما يؤسف له أن ترى كثيراً من أبناء أولئك الدعاة وبناتهم وأسرهم يتفاخرون بأسفارهم تلك، وربما حثوا غيرهم على القيام بها، ولنا أن نتخيل حال ذلك الجيل الذي يمثِّلُ فيه أبناءُ الدعاة وبناتهم محط النظر، ومقصد الاقتداء.
وهنا نخاطب إخواننا الدعاة قائلين:
إذا كان لا يسوغ لنا التوسع في فعل المباح في بعض الأوقات، فكيف يسوغ لنا الإقدام على فعلٍ، أقل ما يقال فيه، أنه من المشتبهات المفضية إلى الحرام؟!
قال الأوزاعي رحمه الله: (كنا نمزح ونضحك فلما صرنا يقتدى بنا , خشيت ألا يسعنا التبسم) (سير أعلام النبلاء: 7/132)
و قال ابن القيم في (مدارج السالكين: 2/26):
(قال لي يوماً شيخ الإسلام -قدس الله روحه- في شيء من المباح: هذا ينافي المراتب العالية وإن لم يكن تركه شرطاً في النجاة).
فنصيحتي لهؤلاء الدعاة -وكذا الداعيات- أن يعيدوا النظر في أسفارهم تلك، وليتذكروا أن ثمَّت من يقتدي بهم، وربما قلدهم في أفعالهم وتصرفاتهم، وأنهم بتصرفهم هذا يسيئون لأنفسهم، ولأبنائهم وبناتهم، ولدعوتهم ولطلابهم ومن يقتدي بهم، وليبحثوا عن بدائل تتناسب مع مقامهم الذي وضعهم الله فيه، وهي كثيرة ومتوفرة ولله الحمد.
وأخيراً قد يقول بعض هؤلاء إنَّ حجم التغيرات التي تشهدها الساحة تتجاوز الحديث في مثل هذه الموضوعات، فبلاد المسلمين تُحتَل وتُدَمَّر، وأنت تتحدث عن ظواهر سلبية عند بعض الدعاة وعن سفرهم للسياحة، فأقول:
إن كان الأمرُ كذلك –وهو كذلك - فكيف يسوغ لكم السفر للسياحة والنزهة وصرف الأموال فيها؟!
وقد يقول آخرون: إن الزمان قد تغير والمنكرات موجودة في كل مكان، فأقول:
هذا صحيح، وعين المرء لا تخطيء ذلك، لكن، هل السفر للسياحة ومخالطة المنكرات وضياع الأموال والأعمار تُصلح فساد المجتمعات؟ ألسنا الآن أحوج من ذي قبل إلى تميزنا وتمسكنا بديننا؟!
اللهم رب جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون،اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
 

كتاب جديد / التعامل مع المبتدع بين رد بدعته ومراعاة حقوق إسلامه


التعامل مع المبتدع بين رد بدعته ومراعاة حقوق إسلامه




التعامل مع المبتدع بين رد بدعته ومراعاة حقوق إسلامه
للشريف حاتم بن عارف العوني
عرض ونقد
(إعداد القسم العلمي بمؤسسة الدرر السنية)



ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الكتب التي تدعو إلى التقريب بين أهل السنة وأهل البدع، وتحاول من باب التأليف أن تزيل أوجه الخلاف بين أهل السنة وغيرهم من أهل البدع، أو تخفف من حدة الخلاف بينهم، وكتاب هذا الشهر يقترب من هذه الدعوات لكن من باب آخر، وهو ما قد يفهم منه إذابة الفروق بين أهل السنة والمبتدعة في المعاملة، بدعوى أنهم مسلمون، ولهم حقوق الأخوة الإسلامية، وقد عنونه مؤلفه بـــ (التعامل مع المبتدع بين رد بدعته ومراعاة حقوق إسلامه)، والكتاب عليه بعض الاستدراكات والمؤاخذات، سنعرضها، مع عرض محتويات الكتاب. 

أولًا: عرض الكتاب
على صغر حجم الكتاب، إلا أنه تكلم في مسائل عدة وبعضها شائك، ويحتاج إلى تفصيل كبير، ومن أهم المسائل التي تطرق لها المؤلف، ما يلي:
- تقسيم البدع إلى ثلاثة أنواع: كفرية تناقض صريح الشهادتين، وكفرية تعارض أمرًا مقطوعًا به في الدين، وغير كفرية.
- بيان أن الكتاب مخصوص بمن كانت بدعته غير كفرية أصلًا، أو كانت كفرية لكنها لا تناقض دلالة الشهادتين.
- الإجماع على وجوب الردِّ على البدعة قدر الإمكان، والتفريق بين ردِّ البدعة ومعاملة المبتدع.
- للمبتدع حقوق الإسلام.
- عقوبة المبتدع حكم مصلحي خلاف الأصل في التعامل معه.
- تعظيم السلف لمن تلبس ببدعة من أهل العلم.
- عدم جواز التقديم المطلق للفساق على أهل البدع.
- تقسيم أهل القبلة إلى سني وبدعي تقسيم مصلحي اعتباري.
- منازل الناس من الإسلام وعدمه وموضع المبتدع منها.
- إطلاق القول بتفسيق أهل البدع وتوجيهه.
- قبول شهادة المبتدعة، ودلالته على عدالتهم، وعدم فسقهم.
- قبول فتاوى أهل البدع.
- بيان موقف الصحابة من الخوارج مع غلظ بدعتهم.
- قد يكون المبتدع مستحقًّا للعقوبة في الدنيا، وهو خير عند الله من بعض أهل السنة.
- نماذج من المواقف المنصفة لأئمة السنة مع أهل البدع.
- ليس كل رد على أهل البدع يكون محمودًا.
- أن المبتدع قد يكون أقرب إلينا وأحب من بعض أهل السنة، وبيان ضابط ذلك.
- مذهب السلف لا يصح أخذه من بعض أقوالهم.
- عدم صحة إطلاق القول بأن البدعة شر من المعصية من كل وجه.
 
ثانيًا: نقد الكتاب
إن البدع لها خطر عظيم على الدِّين، لذا فإن المتأمل لحال السلف مع أهل البدع، يجد أنهم اتخذوا موقفًا صارمًا منهم، سواء من الناحية العملية، أو في مصنفاتهم، ومن ذلك عقدهم أبوابًا في مصنفاتهم، تبين موقفهم من أهل البدع، فأبو داود يعقد في سننه (باب مجانبة أهل الأهواء وبغضهم) و(باب ترك السلام على أهل الأهواء) وفي (الترغيب والترهيب) للمنذري (الترهيب من حب الأشرار وأهل البدع) وفي الأذكار للنووي ( باب التبري من أهل البدع والمعاصي ) وكذلك في كتب العقيدة ففي كتاب الاعتقاد للبيهقي (باب النهي عن مجالسة أهل البدع) وفي كتاب اللالكائي (سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن مناظرة أهل البدع وجدالهم والمكالمة معهم والاستماع إلى أقوالهم المحدثة وآرائهم الخبيثة) إلى غير ذلك، بل إن بعض الأئمة من أهل السنة كان يُمدح لشدته على أهل البدع، كما في ترجمة غير واحد من السلف، والمؤلف قد اتخذ مسلكًا آخر، فجعل ما سبق خلاف الأصل، وخلافنا مع المؤلف ليس في كل ما ذكره في الكتاب، فبعضه حقٌّ وصواب، وقد قال به بعضٌ من علماء السلف، لكن خلافنا ونقدنا هو لتقريراته التي أوردها في الكتاب، وزعمه ما ليس أصلاً أنه هو الأصل، دون دليل أو بينة، ومشكلة كثير من الكتاب المعاصرين- وخاصة المتقهقرين منهم- اللجوء إلى طرفٍ مقابلَ طرفٍ آخر غير مرضي، فمسألة التعامل مع المبتدع -بدعة غير مكفرة- من المسائل التي تطرَّف فيها بعض الدعاة، وساووها بمسألة التعامل مع الكافر، أو لم يفرقوا بين درجات البدع، فجاء هذا الكتاب في الطرف الآخر ليهوِّن من مسألة التعامل مع المبتدع، وزعم أنه لا فرق بين التعامل مع المبتدع والسني،  فطالما أن المبتدع لم يأت ببدعة مكفرة فهو مسلمٌ، والأصل فيه أن يعامل كأي مسلم، بل ذهب المؤلف إلى أبعد من ذلك –وهو أخطر ما في الكتاب- وهو أن المبتدع بدعة كفرية لا تناقض دلالة الشهادتين ولم تقم عليه الحجة يعامل معاملة السني ولو كان عنده مبتدعاً، وقد أقام كتابه على هذا حيث قال (ص:9): (وسأخص هذا المقال بالمبتدع المسلم، وهو من كانت بدعته غير كفرية أصلًا، أو من كانت بدعته كفرية، لكنها لا تناقض دلالة الشهادتين)، وقبلها مثَّل بما يناقض الشهادتين بـ (إنكار وجود الخالق، أو جعل غير الله إلهًا، أو دعاء إله مع الله ... أو تكذيبه صلى الله عليه وسلم في شيء مما جاء به، أو اعتقاد أنه لا طاعة له، أو بغضه صلى الله عليه وسلم)، ومقتضى هذا الكلام: المساواة في التعامل بين السني والخارجي الذي يكفر بالمعصية، كالأباضي مثلاً، والمساواة بين السني والرافضي شاتم الصحابة وأمهات المؤمنين، وبين السني والجهمي المعطل لصفات الله، وسنكتفي هنا بعرض مسائل ثلاث أوردها المؤلف خشية الإطالة:

1- دعوى المؤلف أن الأصل في معاملة المبتدع اللين والرفق كأي مسلم سني.
    يذهب المؤلف إلى أن الأصل  في معاملة المبتدعة في مذهب أهل السنة هو اللين والرفق، وأن العقوبة لا تشرع لهم إلا عند استشراء مفسدتهم، أو خوف شرهم.
يقول المؤلف (ص10): (الأصل عدم التشديد عليه...)  وقال في (ص:13): (وخلاصة ذلك أن عقوبة المبتدع خلاف الأصل...). وقال أيضًا (ص:31): (التشديد مع أهل البدع خلاف الأصل فيهم).
وهذا الذي قرَّره المؤلف لا دليل عليه، بل سبق ذكر مسالك بعض السلف تجاه المبتدعة، وننقل هنا بعض أقوال أهل العلم، التي تفنِّد هذا الأصل الذي ذهب إليه، ومنها:
- قول ابن عبد البر في فوائد حديث كعب بن مالك رضي الله عنه في الذين خلفوا: (وهذا أصل عند العلماء في مجانبة من ابتدع، وهجرته، وقطع الكلام عنه) (التمهيد 4/87).
- قول البغوي معلقًا على حديث كعب بن مالك:(وقد مضت الصحابة والتابعون، وأتباعهم، وعلماء السنة على هذا، مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة، ومهاجرتهم) ( شرح السنة 1/227)
- قول الشاطبي: (إن فرقة النجاة، و هم أهل السنة، مأمورون بعداوة أهل البدع، والتشريد بهم، والتنكيل بمن انحاش إلى جهتهم، ونحن مأمورون بمعاداتهم، وهم مأمورون بموالاتنا والرجوع إلى الجماعة) (الاعتصام1/158).
فأنت ترى أن ابن عبدالبر، والبغوي، نقلوا إجماع الصحابة والتابعين على مقاطعة، ومجانبة، وهجر، ومعاداة، أهل البدع، فهل خالفوا بذلك الأصل الذي يزعمه المؤلف؟!
ففرق بين أن نقول: الأصل في التعامل مع المبتدع؛ اللين وفي كل الأحوال، وبين أن يكون ذلك رجاء مصلحة كالسعي لهدايته ودعوته واستمالته لأهل السنة، كما أن هناك فرقًا بين سني وقع في بدعة، ومبتدع غارق في بدعته، وبين مبتدع وداعٍ إلى بدعته، وبين مبتدع بدعة مغلظة، كبدعة الخوارج، والرافضة، وغلاة الصوفية، ومن وقع في تأويل بعض الصفات، وما شابه ذلك، أمَّا المؤلف فقد جعل هذا أصلًا حتى مع من وقع في بدعة كفرية، لكنها لا تناقض الشهادتين !!.

2- تسويته بين المسلم المبتدع والمسلم السني في الهجر:
قال (ص:11) (بل الذي ينبغي علينا أن لا نغفل عنه أبدًا تجاه المبتدع الذي لم يكفُر، أي: الذي لم يخرج عن دائرة الإسلام- أن حقوق المسلم على المسلم تشمله، وله فيها ما لغيره من جميع المسلمين). ثم قال(ص:13)(سأضرب مثلًا بأحد أظهر الحقوق، التي يظنُّ أنها منتقصة من الحقوق الإسلامية للمبتدع، ألا وهو تحريم هجر المسلم فوق ثلاثة أيام). وذكر أنَّ أقوال أهل العلم متعارضة في هذا الباب؛ زاعماً أنه قام بتحريرها كما في (ص 14-17)، فتحريرها عنده: (هجر المبتدع كهجر السني سواء بسواء). زاعماً أن هذا هو قول ابن تيمية رحمه الله، ويعني بالمبتدع هنا من وقع في بدعة، ولو كانت مكفرة لكن لا تناقض الشهادتين، فهذا عنده هجره كهجر السني سواء بسواء!.
ولا شك أن المبتدع طالما أنَّه لم يأت ببدعة مكفرة فهو مسلم، لكن من الخطأ التسوية بينه وبين المسلم الذي لم يتلبس ببدعة، فالهجر محرم فوق ثلاثة أيام لكن يشرع لمصلحة دينية، والمصلحة الدينية متحققة في هجر المبتدع، وبخاصة إذا كانت بدعته مكفرة، ولو لم تناقض الشهادتين، قال النووي رحمه الله: (والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام إنما هو فيمن هجر لحظ نفسه، ومعايش الدنيا، وأما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائمًا). (شرح مسلم 13/106).
ويقول البغوي: (والنهي عن الهجران فوق ثلاث، فيما يقع بين الرجلين من التقصير في حقوق الصحبة والعشرة، دون ما كان ذلك في حق الدين، فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة إلى أن يتوبوا). (شرح السنة 1/224).
وقال الحافظ ابن حجر: (وفي الحديث جواز هجران من خالف السنة وترك كلامه، ولا يدخل ذلك في النهي عن الهجر فوق ثلاث، فإنه يتعلق بمن هجر لحظ نفسه). (فتح الباري 9/608).
لكن قد يُعدل عن ذلك إن كان يترتب عليه مفسدة، قال ابن تيمية: (فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم سقط الأمر بفعل هذه الحسنة، وكان مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف، ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي . وكذلك لما كثر القدر في أهل البصرة فلو ترك رواية الحديث عنهم لا ندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم . فإذا تعذر إقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب: كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة معه خيرًا من العكس). (مجموع الفتاوى 28/212).
والمصلحة المترتبة على الهجر إما تأديب المبتدع وزجره وتحذير غيره عن فعله، وإما لخشية حصول الضرر والفتنة بمجالسته، فيمكن أن يفرق في هذا الباب بين من يتمكن من العلم، ويستطيع رد شبهات أهل البدع، بل يرجى من مجالسته لهم أن يرجعوا إلى الحق، وبين غير العالم الذي يُخشى عليه من مجالسة أهل البدع.
ونحن نتفق مع المؤلف في أن هجر المبتدع خاضع للمصلحة، لكن خلافنا معه هو: هل الأصل هجرانه –خاصة إذا كانت بدعته مغلظة- تأديبًا له إلا إن كان في ذلك مفسدة- وهذا مسلك أهل السنة مع المبتدعة؟ أم الأصل عدم هجرانه فوق ثلاث، أسوة بالسني غير المبتدع، كما قرَّره المؤلف، وخالف فيه مسلك أهل السنة مع المبتدعة؟!

3- انتقاده القول بأن البدعة شر من المعصية، وأن المبتدع أعظم شرًا من الفاسق.
قال المؤلف (ص:79): (ومن الخطأ المنتشر بيننا تصوُّرُ أنَّ شرَّ المبتدع مطلقًا أعظم من شرِّ الفاسق).اهـ، ثم علق في الحاشية (ص:75) بما مضمونه أن لشيخ الإسلام في كتاب الاستقامة كلامًا، إذا جمعناه مع كلامه المشهور عنه بأنَّ شر المبتدع مطلقًا أعظم من شرِّ الفاسق يتضح لنا بأنَّ الإطلاق غير مراد.
وإذا تأملنا النقلين عن شيخ الإسلام وجدنا أنهما يتآلفان، على خلاف ما فهم المؤلف، يقول شيخ الإسلام في (مجموع الفتاوى) (28/470): (ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أن هذه البدع المغلّظة شرٌّ من الذنوب التي يعتقدُ أصحابُها أنها ذنوب). ويقول أيضًا (20/103): (إنَّ أهل البدع شرٌّ من أهل المعاصي الشهوانية, بالسنةوالإجماع)
أما كلامه في كتاب الاستقامة (1/455) فهو: (وكان السلف يحذرون من هذين النوعين: من المبتدع في دينه، والفاجر في دنياه، كلٌّ من هذين النوعين، وإن لم يكن كفرًا محضًا، فهذا من الذنوب والسيئات التي تقع من أهلالقبلة. وجنس البدع وإن كان شرًّا، لكن الفجور شر من وجه آخر، وذلك أن الفاجر المؤمن لا يجعل الفجور شرًّا من الوجه الآخر الذي هو حرام محض، لكن مقرونًا باعتقاده لتحريمه، وتلك حسنة في أصل الاعتقاد، وأمَّا المبتدع فلا بدَّ أن تشتمل بدعته على حقٍّ وباطل، لكن يعتقد أنَّ باطلها حقٌّ أيضًا ففيه من الحسن ما ليس في الفجور، ومن السيئ ما ليس في الفجور، وكذلك بالعكس، فمن خلص من الشهوات المحرمة والشهوات المبتدعة وجبت له الجنة، وهذه هي الثلاثة: الكلام المنهي عنه، والطعام المنهي عنه، والنكاح المنهي عنه، فإذا اقترن بهذه الكبائر استحلالها كان ذلك أمرا، فكيف إذا جعلت طاعة وقربة وعقلًا ودينًا).اهـ.
ويدلُّ على هذا الفرق بين الفاسق والمبتدع أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل شارب الخمر: ((لا تَلعَنوهُ، فو الله ما علمتُ إلا أنه يحبُّ الله ورسوله)) رواه البخاري (6780). وقال في الخوارج: (شر قتلى تحت أديم السماء) رواه أحمد (5/256) والترمذي (3000).
ومرة أخرى نجد من يتطرَّف في هذه المسألة –والإنصاف عزيز- فمن الدعاة -هداهم الله- من جعل من وقع في بدعة- ولو صغيرة- أكثر ضررًا من كبار الفجار والفساق، حتى أنهم حذَّروا من دعاة أهل السنة؛ لأنهم أهل بدعة -في زعمهم- مستشهدين بأقوال بعض السلف، كقول سعيد بن جبير: ( لأن يصحب ابني فاسقًا، شاطرًا، سنيًّا، أحب إلي من أن يصحب عابدًا مبتدعًا)، وقول أحمد بن سنان: (( لأن يجاورني صاحب طنبور، أحب إلي من أن يجاورني صاحب بدعة، لأنَّ صاحب الطنبور أنهاه، وأكسر الطنبور، والمبتدع يفسد الناس والجيران والأحداث).
وفي الطرف المقابل نرى من يهوِّن من أمر المبتدع وشرِّه، وصواب ذلك أن يقال: جنس الابتداع أعظم من جنس المعاصي، وفي كلٍّ من البدعة والمعصية كبير وصغير، ومغلَّظ وغير مغلَّظ، لذلك قال شيخ الإسلام رحمه الله: (ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أن هذه البدع المغلَّظة شرٌّ من الذنوب التي يعتقدُ أصحابُها أنها ذنوب) (مجموع الفتاوى 28/470).  
وقال ابن تيمية: (واحذر أن تغتر بزهد الكافرين والمبتدعين؛ فإن الفاسق المؤمن الذي يريد الآخرة ويريد الدنيا خير من زهاد أهل البدع وزهاد الكفار إما لفساد عقدهم وإما لفساد قصدهم وإما لفسادهما جميعا) (مجموع الفتاوى 20/152).
فالعاصي الذي يريد الآخرة خير من المبتدع الضال، ومن وقع في بدعة غير مغلظة مجتهدًا أو مقلدًا غير مصرٍّ على بدعته خيرٌ من العاصي الفاجر المكابر، والمستتر ببدعته غير المغلظة خير من المجاهر بكبائر الذنوب، وهكذا ...، لكن يظل جنس البدع أسوا من جنس المعاصي و((شر الأمور محدثاتها)).
هذا بعض ما أخذ على الكتاب، ويرجع في مجمله إلى أن الكتاب رغم ما فيه من حقٍّ وصواب، لا نختلف مع المؤلف فيه، إلا أنه قائمٌ على عدم التفريق بين المبتدع، -ولو بدعة مكفرة لا تناقض الشهادتين-؛ والسني الموحِّد في التعامل، واتهام أهل السنة بخطأ ممارستهم، وتعاملهم مع المبتدع، لذلك كان عنوان الكتاب: (التعامل مع المبتدع بين رد بدعته ومراعاة حقوق إسلامه – تصحيح لممارساتنا بالاحتكام إلى الكتاب والسنة وفهم السلف).
وخطر هذا التصور يكمن في الأمثلة:
فالخوارج والرافضة الشاتمة يعَدُّون عند المؤلف ممن وقع في بدعة، وقد تكون مكفرة لكن لا تناقض الشهادتين، فكيف نعاملهم حسب هذا المقياس؟ يضرب المؤلف مثلًا بالرافضة فيقول (ص:68):
((وقال يعقوب بن يوسف المطوِّعي –وهو أحد تلاميذ أحمد الثقات الأثبات- كان عبد الرحمن بن صالحالأزدي رافضيًّا، وكان يغشى أحمد بن حنبل، فيقرّبه ويدنيه. فقيل له: يا أبا عبد الله، عبد الرحمن رافضي، فقال: سبحان الله! رجلٌ أحب قومًا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، نقول له: لا تحبهم؟! هو ثقة)).
ثم قال: ((ولما أنكر خلف بن سالم على يحيى بن معين ذهابَه إلى هذا الراوي (عبد الرحمن بن صالح الأزدي)، قال له ابن معين: اغْرُبْ، لا صلّى الله عليك ! عنده والله سبعون حديثًا، ما سمعت منها شيئًا. وقال عنه ابن معين مّرّةً أخرى: ثقةٌ صدوقٌ شيعيٌّ، لأن يخرَّ من السماء أحبُّ إليه من أن يكذب في نصفِ حرفٍ) انتهى كلامه.
ويجاب أن المؤلف قال (ص: 14): (أنه يجب علينا ألا نأخذ من كلام العالم ما نؤيد به رأينا فقط، ونغفل ونتعامى عن غيره لأننا لا نرتضيه)، ولذلك ننقل له عن الإمام أحمد نفسه نصًّا آخر في هذه المسألة، قال الخلال:أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم قال: وجهنا رقعة إلى أبي عبدالله، ما تقول رحمك الله فيمن قال: لا أقول إن معاوية كاتب الوحي، ولا أقول إنه خال المؤمنين، فإنه أخذها بالسيف غصبًا ؟ قال أبو عبدالله: هذا قول سوء رديء، يجانبون هؤلاء القوم، ولا يجالسون، ونبين أمرهم للناس) .فكيف بمن يطعن في أبي بكر وعمر وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.
والإمام أحمد هو الذي يقول أيضًا: (وليست الرافضة من الإسلام في شيء). وقال: (من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض)، وقال: (من شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نأمن أن يكون مرق عن الدين). بل جاء عنه أن من سب رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كفر.
ويمكن أن يجاب عن النقل الأول- إن ثبت- بأن الإمام أحمد لم يرَ من الرجل رفضًا، وإنما رأى منه تعظيمًا لبعض أهل البيت فقط.
نسأل الله الهداية والتوفيق لنا وللمؤلف، ولكل مبتدع وفاسق.
 

لماذا غير الشافعي ....مقال ممتاز



خطأ القول بأن الإمام الشافعي غير مذهبه في مصر
مراعاة للعوائد والبيئة المصرية
علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف
 
 يزعم بعض الناس أن الإمام الشافعي كان يفتي في العراق بفتاوى ولما ذهب إلى مصر أصبح يفتي بخلاف ذلك لاختلاف البيئة بين مصر والعراق وبالتالي أصبحت له فتاوى تناسب أهل العراق وفتاوى تناسب أهل مصر؟ وهذا الزعم ليس بصحيح فلم يثبت أنه كان للإمام الشافعي رحمه الله فتاوى تناسب أهل العراق وأخرى تناسب أهل مصر، ولكن المقرر في كتب المذهب الشافعي هو أن الإمام الشافعي كان له مذهبان مذهب في العراق وهو المذهب القديم تلقاه عنه تلاميذه هناك وألَّف فيه كتباً ثم إنه عندما انتقل إلى مصر مروراً بمكة التقى بعدد من العلماء ونقلة الأحاديث وتراجع عن كثير مما كان عليه بالعراق، وهو ما أصبح يُعرف بالمذهب الجديد، ولم يكن آنذاك يُعرف بمذهب العراق ومذهب مصر.  وهذا المذهب الجديد قيل إنه تشكَّل قبيل مغادرته العراق إلى مكة، وقيل قبل مغادرته مكة، لكن من المقطوع به أنه كتبه وأصَّله في مصر، فهو إذن لا علاقة له بكونه في مصر أو في العراق
 
ومما يدل على ذلك:
1- أنه لو كان الأمر مجرد فتاوى تناسب كل بلد لما أمر رحمه الله بشطب كتبه التي ألَّفها في العراق وحرَّم على الناس روايتها، فقد كان يقول: (ليس في حلٍّ من روى عني القديم) (البحر المحيط) للزركشي (4/584)، بل لجعل لكل بلد فتاواه التي تناسبه.
2- ولو كان الأمر كما يزعم هؤلاء لأفتى أصحابه بالعراق بأقواله القديمة والواقع خلاف ذلك.
3- أن أئمة المذهب الشافعي والذين هم أدرى به لم يذكر أحدٌ منهم هذا السبب، فهل هؤلاء المتأخرون أعلم بذلك منهم؟!. بل عندما اختار بعضهم شيئاً من أقواله القديمة لم ينسبوها إليه، بل اختاروها لرجحان أدلتها من وجهة نظرهم.
4- أن أئمة المذهب الشافعي صرَّحوا بأنه لا يجوز تقليد الشافعي في مذهبه القديم ولو كان المقلِّد من أهل العراق، فكيف يزعم هؤلاء أن السبب اختلاف البيئة واختلاف المكان.
5- لو صح أن سبب تغيير الإمام الشافعي لمذهبه في مصر اختلاف المكان لما قلَّده الشافعية في غير مصر والمعلوم لدى طلاب العلم أن أئمة الشافعية أين ما كانوا قد أخذوا بمذهبه الجديد الذي أسسه في مصر حتى أهل العراق أنفسهم، وكتاب الأم وهو العمدة في المذهب الشافعي إلى الآن؛ ألَّفه في مصر، لذلك قال النووي في المجموع (1/66): (كل مسألة فيها قولان للشافعي رحمه الله قديم وجديد، فالجديد هو الصحيح وعليه العمل)، وقال (1/68): (ليس للمفتي ولا للعامي المنتسب إلى مذهب الشافعي رحمه الله في مسألةِ القولين أو الوجهين أن يعمل بما شاء منهما بغير نظر بل عليه في القولين العمل بآخرهما) ولم يفرق بين كون هذا المفتي في العراق أو مصر أو غيرهما.
والعجيب في الأمر أن الذين يزعمون أنه غيَّر مذهبه لتغير عوائد الناس وطبائعهم إنما يريدون بهذا الزعم إصدار فتاوى تيسر على الناس ولو خالفت الدليل زاعمين أن الإمام الشافعي أفتى بفتاوى تناسب أهل مصر تيسيراً عليهم، وجهل أولئك أن فتاوى الإمام حسب أصوله في مصر أشد من فتاواه في العراق، ومذهبه في العراق أقرب إلى التيسير، وأنه بنى مذهبه الجديد على الاحتياط، وعدم القول بالمصالح المرسلة التي يدندن حولها القوم، ولا عبرة بالعرف عنده بل العبرة بالنص والالتزام بظاهر النصوص كما سيظهر ذلك من خلال بعض الأمثلة التي سأوردها لك بعد قليل، ولا توجد مسألة واحدة تراجع عنها الإمام لتغير الظروف بين مصر والعراق، والبينة على المدعي، وهيهات!.
 
ومن أمثلة الفتاوى التي أفتى بها في مصر وكان رأيه فيها أشد من رأيه في العراق كما هو مبثوث في كتب الشافعية:
1- استعمال أواني الذهب والفضة، في القديم: يكره كراهة تنزيه، وفي الجديد: يكره كراهة تحريم.
2- المسح على الخفّ المخرق، في القديم: إن كان الخرق لا يمنع المشي عليه جاز، وفي الجديد: إن ظهر من الرِّجل شيء لم يجز.
3- ترك الفاتحة نسياناً، في القديم: تسقط عنه القراءة بالنسيان، وفي الجديد: لا تسقط.
4- الغسل من ولوغ الكلب، في القديم: لا يجب غسله، وفي الجديد: يغسل ستاً.
5- ترك الترتيب في الوضوء ناسياً، في القديم: صحيح، وفي الجديد: باطل.
6- النوم في الصلاة، في القديم: لا ينقض الوضوء، و في الجديد: ينقض.
7-امرأة المفقود، في القديم: تتربص أربع سنين من وقت انقطاع خبره، ثم تعتد عدة الوفاة: أربعة أشهر وعشرة أيام، وفي الجديد: لا تعتد ولا تنكح أبداً حتى يأتيها يقين وفاته، فأخذ في القديم بقول ابن عباس رضي الله عنهما الأيسر، وأخذ في الجديد بقول علي رضي الله عنه الأشد.
والأمثلة كثيرة يمكن الرجوع إليها في مظانها، ويلاحظ أنه لا أثر لاختلاف المكان والبيئة في اختلاف قولي الإمام الشافعي القديم والجديد في هذه المسائل كلها، وإنما يرجع سبب الاختلاف إلى إحكام مذهبه وضبطه بالأدلة الشرعية كما قال تلميذه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لما قيل له: (ما ترى في كتب الشافعي التي عند العراقيين أحب إليك أم التي عند المصريين؟، قال: عليك بالكتب التي وضعها بمصر، فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكمها، ثم رجع إلى مصر فأحكم ذلك).(مناقب الإمام الشافعي للبيهقي 1/263(
فهذا تلميذه وأعرف الناس به أرجع سبب تغير مذهب إمامه إلى الإحكام والضبط، ولو كان للبيئة والمجتمع سبب في ذلك لذكره.
فالقول بأن هذا هو السبب قول باطل وعري عن الصحة ولا يستقيم مع التحقيق العلمي ولا يقوله إلا جاهل أو صاحب هوى.
وليس معنى ذلك أن الفقيه لا يجوز له أن يغير فتواه بتغير الزمان والمكان، بل هذا ممكن في المسائل الاجتهادية المبنية على العرف والمصالح ورفع الحرج، أما المسائل المبنية على الأدلة الشرعية الصحيحة، فهي ثابتة وصالحة لكل زمان ومكان .

والله أعلم .

من روائع المقالات القديمة ( إلى الشباب ) محمد البشير الإبراهيمي


من روائع المقالات القديمة

 إلى الشباب
محمد البشير الإبراهيمي (ت 1384هـ - 1965م)
 
أوجِّه طلائع الحديث في هذه الليلة إلى الشباب الذين هم الساف الجديد في بناء الأمة، والدم المجدِّد لحياتها، والامتداد الطبيعي لتاريخها، وهم الحلقات المحققة لمعنى الخلود الذي ينشده كلُّ حيٍّ عاقل، ويتمناه حتى إذا فاته في نفسه التمسه في نسله، وقربت له الأماني معنى من معنى، فتعلل بالخيال عن الحقيقة، وتسلى بشبه الشيء عن الشيء، ودأب جاهدًا في تدنيته، وتوفير الراحة والهناء والسعادة له، وعلل نفسه بأنه سيرث اسمه وماله، وهو لا يعلم أنه سيموت اسمه، ويبدد ماله، وما زالت التعلَّات صارفة عن اليأس منذ طبع الله الطباع.
 
وأقول: الشباب، ولستُ أعني بهذا اللفظ معناه المصدري في عرف اللغة، ولا ذلك الطور الثالث من عمر هذا الصنف البشري في مقاييس الأعمار، وإنما أعني بهذا اللفظ طائفة من الأناسي انتهوا في الحياة إلى ذلك الطور الثالث بعد الطفولة واليفاعة، فجمعتهم اللغة على شبيبة وشبَّان، ووصفتهم بالمعنى في نحو لطيف من أنحائها، فقالت: شباب وشبيبة، كما وصف القرآن محمدًا بأنه رحمة، وكما وصفت الخنساء الظبية بأنها إقبال وإدبار، ثم جمعتهم سنة التكامل على القوة والفتوة، وجمعهم اتحاد السنِّ أو تقاربه على التعاطف والأُخوَّة، وجمعهم الدين على التكاليف والواجبات، ووقفت بهم الحياة على جددها، تعرض عليهم السعادة في صور ملتبسة بالشقاء، والشقاء في صور ملتبسة بالسعادة، واكتنفتهم الملائكة والشياطين، أولئك يدعونهم إلى الجنة محفوفة بالمكاره، مسوقة بالصبر والألم، وهؤلاء يدعونهم إلى النار ملفوفة بالشهوات؛ مسوقة بالإغراء والتزويق والتزيين، ووقفنا نحن معاشر الآباء من ورائهم، نتمنى لهم، ونتجنى عليهم، ونقترف في حقهم، ولا نعترف بظلمنا إياهم، ونرخي في تربيتهم أو نشدِّد، ولكننا لا نقارب ولا نسدِّد، ونعطيهم من أفعالنا ما نمنعهم منه بأقوالنا: ننهاهم عن الكذب، ونكذب أمامهم الكذب الحريت، وننهاهم عن الرذائل جملة وتفصيلًا، ثم نخالفهم إلى ما ننهاهم عنه، فيأخذون الرذيلة عنا بالقدوة والتأسِّي، ويحتقروننا لأننا قبحنا لهم الكذب بالقول، ثم أشهدناهم بالعمل على أننا كاذبون.
إلى هؤلاء الشباب الوارثين لحسناتنا وسيِّآتنا، المهيئين لخيرنا وشرنا، الحاملين لخصائصنا وألواننا إلى مَن بعدهم من أبنائهم، المتبرمين هنا بحالة هم مقدمون عليها كرهًا، فقد كنا مثلهم شباباً وسيصبحون مثلنا شيوخاً، وسيلقون من أبنائهم ما لقينا نحن منهم، وسيلقى منهم أبناؤهم ما لقوه هم منا، جزاء وفاقاً وقصاصاً عدلاً، وسنة أجراها الواحد القهار، وجرى بها الفلك الدوار – إلى هذا الجيل الذي عودتنا الحياة المدبرة أن نشفق عليه، وعودته الحياة المقبلة أن يشفق منا، أتوجه وإياه أعني، وإليه أسوق الحديث، داعياً له بما دعا له شوقي في قوله:

إن أسأنا لكم أو لم نسىء            نحن هلكى فلكم طول البقاء
 
 
متمنياً له ما تمناه له شوقي في  قوله:
 
هل يمدُّ الله لي العيش ، عسى       أن أراكم في الفريق السعداء
 
 
لا أخالف شوقي إلا في التخصيص، فقد خاطب بهذا شباب النيل، وأنا أهتف بشباب العرب، وبشباب الإسلام، أهتف بشباب العرب أن يرعوا حقَّ العروبة، وأن يكونوا أوفياء لها، وأن يعلموا أنها ليست جنسية تميز، ولا نسبة تعرف، وأنها ليست جلدة تسمرُّ أو تحمرُّ، ولا بلدة تعمر وتقفر، وأنها ليست جزيرة يحيط بها البحر، ولا قلادة تحيط بالنحر، وأنها ليست متاعاً مما يرث الوارثون، ولا أرضاً مما يحرث الحارثون، وإنما هي خلال وخصال، وهمم تتشقق عن فعال، وإنما هي بناء مآثر، وتشييد أمجاد ومحامد، وإنما هي مساع من الكرام إلى المكارم، ودواع من العظماء إلى العظائم،  وإنما هي عزائم، لا تعرف الهزائم، وإنما هي عزة وكرامة، وشدة في الحفاظ وصرامة، وإنما هي طموح وجموح: طموح إلى منازل العز، وجموح عن مواطن الذل، وإنما هي رجولة وبطولة، وأصالة وفحولة، وإنما هي طبع أصيل، ورأي جليل، ولسان بالبيان بليل، وعقل على الحكمة دليل، فمجموع هؤلاء هو العروبة، وجامع هؤلاء هو العربي، وما عداه فهو تعلل بباطل، وتعلق بضلال، وتخلق يكذبه الخلق، وخيانة للعروبة في اسمها وفي وسمها، وعقوق للأجداد، كأنما عناهم المعري بقوله:
 
 
جمال ذي الأرض كانوا في الحياة وهم
بعد الممات جمال الكتب والسير
 
ثم أهتف بشباب الإسلام ليعلموا أنَّ الإسلام ليس لفظًا تلوكة الألسنة المنفصلة عن القلوب، وتتناوله قوانين التعريف بموازينها الحرفية، وتقبله اشتقاقات اللغة على معانيها الوضعية، فينزل به إلى المعاني الوضعية من السلم إلى الاستسلام.. إلا أنَّ في الإسلام الشرعي نوعاً من معنى الإسلام اللغوي، ولكنه أرفع تلك المعاني وأعلاها، هو معنى تتقطع دونه الأفهام والأوهام، معنى لو طاف طائفه بعقول العرب- أهل اللغة قبل الإسلام- لرفع هممهم عن عبادة الشجر والحجر، ولسما بهم حينما بُعث محمد صلى الله عليه وسلم عن الجدل بالباطل؛ ليدحضوا به الحق: هو إسلام الوجه لله عنواناً لإسلام القوى الباطنة له، هو المعنى الذي خالطت بشاشته قلب نبي التوحيد إبراهيم، فقال: أسلمت وجهي، وتذوقته بلقيس حين هداها الله فقالت: وأسلمت. ألا وإن في الاستسلام نوعاً من المعاني لم يتخيله وضع ولا عرف، ولم يتداوله نقل ولا استعمال، حتى جاء محمد بالهدى ودين الحق، ونقل اللغة من طور إلى طور، هو استسلام الجوارح – وسلطانها القلب – لله ولعظمته وقدرته، وعلمه حتى توحده وحده، وتعبده وحده، وتدعوه في النائبات وحده، وتنيب إليه وحده، وتُذعن إلى سلطانه وحده، وتخشاه وحده، فتستقل عن الأغيار بقدر ذلك الاستسلام إليه، وتحرر بقدر العبودية له ، وتوحد قواها بقدر إفراده بالألوهية، وتعتز بقدر التذلُّل لعظموته، وتنجح في الحياة بقدر اتباعها لسننه، وتصفو من الكدرات الحيوانية بقدر اتصالها به، وتتزكى سرائرها بقدر إيمانها به، وتبعد عن الشرور والآثام بقدر قربها منه، ثم تسود الكائنات بأمره، وتخضع الكون لسلطانها بسلطانه، وتكشف أسرار الوجود بصدق التأمل في آياته، والتفكر في بدائع ملكوته.
 
هذه بعض  معاني هذا الدين العظيم؛ دين الله السماوي، الذي بلَّغه  محمد صلى الله عليه وسلم، وفسره بأقواله، وشرحه بأفعاله، ووسعته لغة العرب، وحمله إلينا الأمناء الهداة، وعصمه القرآن؛ آية الله الكبرى، ومعجزة الدهر الخالدة، وكتاب الكون الأبدي، وكنز الحكمة المعروض على العقول والأفكار، وعلى الأسماع والأنظار؛ لتأخذ منه كلُّ جارحة حظَّها من الغذاء.
 
أيها الشباب: شاع بين الناس مبدأ فطري توارد عليه المحدثون والقدماء، ونصره الحسُّ، وهو أنَّ الكبير قريب من الموت، يغذ إليه السير مكرهاً كمختار، وعجلان كمتريث، ومن ثمَّ فهو قريب من الله، والقرب من الله مدعاة عند العاقل المتألِّه إلى الاستعداد للقائه، والتزوُّد للدار الآخرة بأهبها، وليوم الفاقة العظمى- بالأعمال الصالحة، وقد قال شاعر حكيم، يصوِّر هذا القرب:
وإنَّ امرءاً قد سار خمسين حجةً
إلى منهلٍ من ورده لقريبُ
 
تواضعوا على هذا، وأكثروا فيه القول، وأداروا عليه النصائح والمواعظ للجماعات المتدينة، يزجونها للشيوخ المسرعين إلى الموت، الذين طووا المراحل، ودنوا من الساحل – حتى أوهموا الشبَّان أنَّ الشباب عصمة لهم من الموت، وأنتج لهم القياس الفاسد أنهم بعيدون عن الله، ولا يبعد في نظر المتوسم في غرائب النفوس أن يكون تخصيص الشيوخ الهرمين بتلك المواعظ بعض السبب في اغترار الشبان، وانهماكهم في الشهوات، واسترسالهم مع النزوات، وبعض السبب في إبعادهم عن الله، مضافاً إلى جنون الشباب، وسلطان الهوى، وتنبه الغرائز الحيوانية.
وأنا أرى أن الشبان أحقُّ الناس بذلك الوعظ، وبالتوجيه إلى الله، والتقريب منه، وبالتعهد المنظم، والحراسة اليقظة حتى تكون أقوى الملكات التي تتربى فيهم ملكة الخوف من الله، في وقت قابلية الملكات للثبوت والاستقرار في النفوس، وفي وقت تنازع الخير والشر للنفوس الجديدة، وإنها لكبيرة أن ينشأ الشاب على الخير والاتصال بالله من الصغر، ولكن جزاءها عند الله أكبر، لما يصحبها من مغالبة للهوى في لجاجه وطغيانه، ومجاهدة لغريزة في عنفوانها وسلطانها، ولهذا السر عدَّ صلى الله عليه وسلم الشاب الذي ينشأ في طاعة الله أحد السبعة الذين يظللهم الله بظله، يوم لا ظل إلا ظله، وعدَّ الشيخ الزاني أحد الثلاثة الذين يلعنهم الله واللاعنون من عباده؛ لأن المعصية من مثله خالصة لوجه الشيطان لم تصحبها داعية، ولم يخففها عذر، ولم تسبقها مغالبة ولا جهاد.
 
أيها الشباب: ساء مثلاً من أوهمكم أن بينكم وبين الموت فسحة وإمهالاً، لقد علمتم أن الموت لا يخاف الصغير، ولا يعاف الكبير، وأسوأ منه نظراً من توهم أنكم لذلك أبعد عن الله من حيث المعاد، فإنكم أقرب إلى الله من حيث المبدأ، وأنَّ أثر يد الله فيكم لأظهر، وإن المسحة الإلهية على شبابكم لأوضح، وإنَّ أغصانكم الغضة المورقة لمطلولة بأنداء السماء، وقد وخزتها خضرته من كلِّ جانب، وإن نفحات الله لتُشم من أعطافكم وشمائلكم، فلئن كنا قريب من لقاء الله بالموت فلأنتم أقرب إليه بالحياة، ولئن صحبكم الاتصال به في جميع المراحل فيا بشراكم، ولئن كنا نقبل عليه كارهين متسخطين على الموت، فأنتم مقبلون من عنده فرحين بالحياة مستبشرين، فصلوا حبلكم بحبله، واحفظوا عهده، وحذار أن تقطعكم عنه القواطع.
 
أيها الشباب: إن الشباب نسب بينكم ورحم وجامعة، ولا مؤثر في الشباب إلا الشباب، فليكن بعضكم لبعض إماماً، ليعلم المهتدون الضلال.
دينكم – أيها الشباب – لا يفتننَّكم عنه ناعق بإلحاد، ولا ناع بتنقص.
وربكم- أيها الشباب- لا يقطعنكم عنه خناس من الجِنَّة والناس.
وكتاب ربكم - أيها الشباب- هو البرهان والنور، وهو الفلج والظهور، وهو الحجة البالغة، والآية الدامغة، فلا يُزهِّدنَّكم فيه زنديق يؤول، وجاهل يعطل، ومستشرق خبيث الدخلة، يتخذه عضين؛ ليفتن الغافلين، ويلبس على المستضعفين.
 
 
 
إن دينكم شوهته الأضاليل، وإن سيرة نبيكم غمرتها الأباطيل، وإن كتابكم ضيعته التآويل، فهل لكم يا شباب الإسلام أن تمحوا بأيدكم الطاهرة الزيف والزيغ عنها، وتكتبوا في نفوس الناس جديداً كما نزل، وكما فهمه أصحاب رسول الله عن رسول الله، إنكم قد اهتديتم إلى سواء الصراط، فاهدوا إلى سواء الصراط، إنكم لو عبدتم الله الليل والنهار لكان خيراً من ذلك كلِّه عند الله، وأقرب زلفى إليه أن تجاهدوا في سبيله بهداية خلقه إليه.
 
إن تلك الفئة القليلة من أصحاب محمد ما فتحوا الكون بقوة العَدد والعُدد، ولكن بقوة الروح، فانفخوا في هذه الأرواح الضعيفة التي أضعفها الضلال عن طريق الحق- تنقلب ناراً متأجِّجة.
 
حيَّاكم الله، وأحياكم وأبقاكم للإسلام، تذودون عن حياضه، وترودون في رياضه، وللغة العرب تصلون أسبابها، وتردُّون عليها نضرتها وشبابها، ولمواطن الإسلام تصونون عرضها، وتردون قرضها، وتحفظون سماءها وأرضها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اختيار موقع الدرر السنية:www.dorar.net
المصدر: (آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي), دار الغرب الإسلامي، ط1، 1997م. ((4/276)).
 

قصيدة الطقس هذا العام لفاروق جويدة




الطـقـس هذا العام ينـبـئـني
بأن شتـاء أيامي طويل
وبأن أحزان الصقيع..
تـطـارد الزمن الجميل
وبـأن موج البحر..
ضاق من التـسكـع.. والرحيل
والنـورس المكـسور يهفـو..
للشواطيء.. والنـخيل
قد تـسـأليـن الآن
عن زمني وعنـواني
وما لاقـيت في الوطـن البخيل
ما عاد لـي زمن.. ولا بيت..
فـكـل شواطيء الأيام
في عينـي.. نيل
كـل المواسم عشتـها..
قد تـسـألين: وما الدليل؟
جرح علي العينـين أحملـه وساما
كلـما عبرت علـي قـلـبـي
حكـايا القـهر.. والسفـه الطـويل
حب يفيض كـموسم الأمطـار..
شمس لا يفـارقـها الأصيل
تـعب يعلــمني..
بأن العدو خـلـف الحلـم..
يحيي النـبض في القـلـب العليل
سهر يعلـمني..
بأن الدفء في قمم الجـبال..
ولـيس في السفـح الذليل
قد كان أسوأ ما تعـلــمنـاه
من زمن النـخاسة..
أن نبيع الحلـم.. بالثـمن الهزيل
أدركـت من سفـري.. وتـرحالي..
وفي عمري القليل
أن الزهور تـموت..
حين تـطـاول الأعشاب..
أشجار النـخيل
أن الخيول تـموت حزنـا..
حين يهرب من حناجرها الصهيل
الطـقـس هذا العام ينـبـئـني
بأن النـورس المكسور يمضي..
بين أعماق السحاب
قد عاش خـلـف الشاطيء المهجور
يلـقيه السراب.. إلي السراب
والآن جئـت.. وفي يديك
زمان خوف.. واغــتـراب
أي الشـواطيء في ربوعك..
سوف يحمـلـني ؟
قلاع الأمن.. أم شبح الخراب ؟
أي البلاد سيحـتـويني..
موطن للعشق
أم سجن.. وجلاد..
ومأساة اغـتصاب ؟
أي المضاجـع سوف يؤيني ؟
وهل سأنام كالأطـفـال في عينيـك..
أم سأصير حقــا
مستباحا.. للـكلاب ؟
أي العصور علي ربوعك
سوف أغرس
واحة للحب..
أم وطنـا تمزقـه الذئـاب ؟
أي المشاهد
سوف أكـتـب في روايـتنـا ؟
طـقـوس الحلم..
أم سيركـا تـطير
عـلـي ملاعبـه الرقـاب ؟
من قصيدة الطقس هذا العام سنة 2000
 

FW: الوقت وعلاقته بأعضاء الجسم


معلومات  لها تأثير على صحتك

  عند إتباع النظام الغذائى المتوازن فى أوقات محددة ومواعيد منتظمة يساعد ذلك

الجسم على التخلص من الكيماويات والسموم الموجودة به

 

 

من الساعة 9 – 11 مساءا

هذا الوقت الذى يتم فيه التخلص من السموم الزائدة فى الجهاز اللمفاوى

لذلك فإن هذا الوقت يجب تمضيته فى هدوء.

فإذا كانت ربة المنزل لا زالت تعمل فى أعمال المنزل

أو فى متابعة الأبناء فى أداء واجباتهم المدرسية

فإن ذلك سيكون له تأثير سلبى على صحتها.

 

 

من الساعة 11 مساءا – 1 صباحا

فذلك ميعاد تخلص الكبد من السموم ويكون هذا الوقت المثالى للنوم العميق.

 

 

من الساعة 1 – 3 صباحا

فذلك ميعاد تخلص المرارة من السموم وأيضا يكون وقت مثالى للنوم العميق.

 

 

من الساعة 3 – 5 صباحا

فذلك ميعاد تخلص الرئة من السموم

ولذلك سنجد أن المريض الذى يعانى من السعال

فإنه سوف يعانى أكثر فى هذا الوقت

والسبب فى ذلك أن عملية التخلص من السموم قد بدأت فى الجهاز التنفسى فلا داعى لتناول دواء لإيقاف أو تهدئة السعال فى هذا الوقت وذلك لمنع التدخل فى عملية تخلص الرئة من السموم الموجودة بها

وهنا تظهر جليا في هذا الوقت  فائدة صلاة الليل ..... الله لا يحرمنا وإياكم من هذه الفائدة

 

وهنا ننصح المدخنين أن لا يقوموا بالتدخين فى هذا الوقت لأن ذلك يمنع أيضا عملية التصريف للسموم عن طريق إضافة سموم جديدة بدلا من تصريف القديم.

 

 

الساعة 5 صباحا

فذلك ميعاد تخلص القولون من السموم

لذلك يجب التبول فى مثل هدا الوقت لتفريغ المثانة لمساعدة القولون على التخلص من السموم

 

وهنا ننصح الأشخاص الذين يعانون من الإمساك المزمن أن يواظبوا على الأستيقاظ فى هذا الوقت (5 صباحا) لكى يساعدوا القولون على العمل والتصريف.

وفى خلال عدة أيام سينتهى الإمساك المزمن مع ضرورة الإلتزام أيضا بالغذاء المتوازن.

 

 

الساعة 7 – 9 صباحا

فذلك ميعاد إمتصاص الغذاء فى الأمعاء الدقيقة

فيجب أن يتم تناول وجبة الإفطار فى هذا الوقت.

أما المرضى الذين يعانون من الإنيميا ونقص الهيموجلوبين فى الدم فيجب أن يتناولوا وجبة الإفطار قبل الساعة 6.30 صباحا

 

أما من يرغب فى المحافظة على سلامة جسمه وعقله

يجب أن يتناول وجبة إفطاره قبل الساعة 7.30 صباحا

 

والأشخاص الذين لا يتناولون وجبة الإفطار وتعودوا على ذلك يجب أن يغيروا عاداتهم لأن ذلك من أهم أسباب تلف الكبد.

والتأخر فى تناول وجبة الإفطار حتى الساعة 9 – 10 صباحا أفضل من عدم تناولها على الإطلاق.

 

 

من منتصف الليل – 4 صباحا

هو الوقت الذى ينتج فيه النخاع العظمى خلايا الدم

لذلك يجب أن ننام مبكرا ... وننام جيدا وبعمق.

 

إن النوم المتأخر والإستيقاظ المتأخر يعملان على تعطيل الجسم من التخلص من السموم الموجودة به

 

 

 

 


Valuable Information ..


معلومات ثمينة ..




Correct timing to drink water, will maximize its effectiveness on the Human body.


الوقت المناسب لشرب الماء .. سوف يضاعف فوائده على جسم الإنسان ..



Two (02) glass of water - After waking up -  Helps activate internal organs


عدد ( 2 ) كأس من الماء بعد الاستيقاظ من النوم – يساعد على تنشيط الدورة الدموية .



One (01) glasses of water  - 30 minutes before meal - Help digestion


كأس ( 1 ) من الماء – قبل الوجبة بنصف ساعة – يساعد على الهضم .



One (01) glass of water - Before taking a bath - Helps lower blood pressure


كأس ( 1 ) من الماء – قبل الاستحمام – يساعد على خفض ضغط الدم .



One (01) glass of water - Before sleep  - To avoid stroke or heart attack


كأس ( 1 ) من الماء – قبل النوم – يجنب السكتة أو النوبات القلبية .



Please pass this to the people you care about.....

 

__,_._,___