بسم الله الرحمن الرحيم . إذا أردت أن تحفظ القرآن وتحصل على سند ، ما عليك سوى الاتصال بنا . كما يمكنك الحفظ معنا عبر الإنترنت
إذا أردت دراسة أحد علوم اللغة أو أحد المواد الشرعية فقط راسلني .::. إذا أردت إعداد بحث لغوي أو شرعي فنحن نساعدك بإذن الله

language اللغة

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

اذكر الله

09‏/04‏/2012

مرة أخرى : لماذا تضطهد العلمانية المرأة المسلمة المحجبة ؟

الحجاب والتحدي الحضاري

مرة أخرى : لماذا تضطهد العلمانية المرأة المسلمة المحجبة ؟

إن الغرب لا يرى في الحجاب الإسلامي مجرد قطعة قماش تستر شعر المرأة أو رأسها أو وجهها وإنما يرى في الحجاب اختزالاً للحضارة الإسلامية تغزوه في عقر داره .
إن الحجاب يعني في المنظور الغربي أن الإسلام كله بقرآنه ومحمده وكعبته يتجسد في قطعة القماش هذه ، وفي هذه المرأة المحجبة التي تخطر في شوارع باريس أو لندن . وإن هذه الصورة تمثل بالنسبة له أخطر ألوان التحدي ، إنها تذكره بطارق بن زياد وموسى بن نصير وعبد الرحمن الغافقي على تخوم باريس . كما يرى الغرب في المرأة المحجبة وهي تتبختر في شوارع باريس أو غيرها كأنها ترفع راية الإسلام وتدوس قيم الغرب ، وتتحدى شعاراته البراقة ، وتهزأ بحضارته المبهرجة ، وتترفع عن مدنيته الزائفة ، إنها تتشبث بأصالتها في وسط المعمعة ، وتلتف حول دينها وعفتها وشرفها في وسط تيار جارف من الإغراء واللذة . إن منظرها مثير جداً فهو يشبه منظر الجندي المستميت في وسط المعركة حين يرفع اللواء والرماح تنوشه من كل مكان فيظل ممسكاً به حتى تتقاسمه شفرات السيوف وأسنة الرماح . ....
إن الغرب لا يرى في المرأة المحجبة مرأة بل يرى الإسلام يتحداه في عقر داره ، وقد حاول جاهداً أن يصمت لسنوات محافظاً على قيمه في الحرية ، ولكن ضغط الحجاب ودلالاته التاريخية والحضارية، وإيحاءاته الاستفزازية لمظاهر التعري ، جعل صبره ينفد فانتهك القيمة الأساسية التي يقف عليها وهي قيمة الحرية وذلك ليوقف هذا المد الإسلامي الخطير .
أجل إن الحجاب الإسلامي – الإسلامي فقط – ليس مجرد تحد فقط بل هو غزو وبشارة في ذات الوقت ، فالمرأة الغربية اليوم تعيش في أحلك أيامها ، وأسوأ لحظاتها يقول بيير داكو "" لم يسبق للمرأة أن كانت مسحوقة ومنهارة وخامدة مثلما هي عليه الآن ، ويمثل عصرنا أكثر العمليات دناءة في تاريخ المرأة ، فالمظاهر خداعة ، ذلك أن الفخ مموه على نحو يثير الإعجاب "" ( ) "" إن الفخ قام بعمله على نحو ممتاز ... فالسمكة كانت جائعة ، وكان يكفي إلقاء الصنارة في الماء حتى تنخدع بها "" ( ) إن بيير داكو يلخص لنا حالة المرأة في الغرب بعبارة مختصرة ، إنها حالة مأساوية مريرة . وقد بدأت المرأة تشعر بذلك ، وبدأت تتململ من الضياع والعبثية التي خُدعت بها، حين حولتها الإمبريالية إلى جسد سلعي خاضع للتداول وسوق العرض والطلب ، فتحول الجسد الأنثوي عبر نشاطه الجنسي إلى سلعة "" ضمن شبكة كبيرة ذات صيت عالمي ، شبكة تمثلها شركات عابرة للقارات فوق قومية متعددة الجنسيات ، وفّرت عروض أزياء لتظهر مفاتن الجسد ... ودعايات مصورة بألوان جذابة .. مجلات وجرائد تعرض مشاهد مختلفة تأسر الحواس ... وأفلام سينمائية وأشرطة فيديو ، إنها إمبريالية الفيلم الجنسي " ( ) فأصبحت المرأة أولاً وأخيراً جسداً تتفنن الثقافة الاستهلاكية في عرضه والمتاجرة به ( )، لحساب الرجل، وانخرطت في لعبة كانت هي الخاسرة فيها، لأنها باعت أنوثتها دون مقابل، وكانت النتيجة : اليأس والإحباط ومتاهة الشعور بالدونية( )، ولذا فالمرأة الغربية ترى أن صورة المرأة المسلمة المحجبة صورة مثالية تتمنى لو يتاح لها أن تعيشها ( ). ولكنها ليست مهيأة لذلك فهي مكبلة بقيود ثقيلة، إنه إرث العلمانية المديد : تفكك أسري وضياع اجتماعي وأخلاقي، وعدمية فلسفية ، وفردانية موحشة.
ومن هنا فالمرأة المسلمة في الغرب تؤدي بحجابها دور الداعية الصامتة ، إنها ترفع شعار "" العالَم المتميز "" أو "" الكيان المستقل "" أو " الحمى المسيّج " ، في مقابل " الكلأ المباح " الذي تمثله المرأة الغربية ، فهي كيان مستقل عن عالم الرجال وعالم أنثوي متميز عن عالم الذكورة .
إن المرأة المسلمة بحجابها تحتكر أنوثتها وتمتلكها ولا تبددها في عالم الرجال ، إنها تنطوي في داخلها على سرٍ يجب أن يظل مطمحاً لعالم الرجولة تهفو إليه الرجولة فلا تنال منه إلا بقدر ما يتحقق من سعادة وكرامة إنسانية مشتركة .
إن في المرأة جانبان : جانب عملي إنساني مشترك بينها وبين الرجل وهو دورها في الحياة والبناء والإعمار والمشاركة والعمل والعلم والإبداع .
وجانب آخر هو أنثوي غريزي تميزت به المرأة عن الرجل ، وزودها الصانع بمكونات الأنوثة فهي أم حنون وزوج رؤوم ، وأنثى لعوب . والإسلام لا يريد لأيٍ من الجانبين أن يطغى على الآخر ، فلا يريد المرأة المترجلة التي تكبت أنوثتها وتتحول إلى كائن قاس عنيف جلف .
ولا يريد المرأة الجاهلة العابثة التي تُحوّل نفسها إلى أداة للمتعة واللذة والإنجاب فقط ( ).
إن ما يصلح المجتمع هو المرأة التي يتكامل فيها الجانب العملي مع الجانب الأنثوي أو الجانب الوظيفي الحياتي مع الجانب الغريزي . وإن المرأة حين تقف إلى جانب الرجل في المعمل أو المخبر أو الوظيفة فهي تزاحمه بإنسانيتها وكفاءتها وليس بأنوثتها ، وأنوثتها تظل ورقة مخفية مدخرة لا تمنحها للرجال إلا في الإطار المشروع، إطار البناء المشترك والمساواة والندية .
بينما المرأة السافرة الفاتنة ترمي بلحمها وشحمها أمام الكلاب الجائعة ، والذئاب الغادرة ، والثعالب الماكرة ، وهي بسفورها ومفاتنها تدفع بكفاءتها وإنسانيتها وفاعليتها إلى الوراء وتدفنها في الأعماق ، وذلك لأن صوت الغريزة واللذة أقوى من صوت العقل – غالباً – وأقوى من صوت الحرية والتحضر والضمير والأخلاق ، هذه الشعارات الجوفاء التي تنادي بها العلمانية .
والآن بعد فوات الأوان أدركت المرأة الغربية أنها خُدعت في أعظم عملية نصب واحتيال في التاريخ إنها مهزلة "" حرية المرأة "" ولذلك فهي تغبط المرأة المسلمة على حجابها وعفافها وترى أن هذا هو رأس المال الثمين الذي فرطت به حين خدعوها فأوهموها أنه قيود وتخلف ، ولكنها حين فعلت ذلك خسرت كل شيء ، ولأن المرأة فُطرت على الرحمة والشفقة فإن المرأة الغربية لا تريد لأختها الشرقية أن تنحط في المرتكس نفسه ، وتقع في الفخ ذاته ( ).
إن أهم ما يعنيه الحجاب بالنسبة للمرأة هو إبراز فرديتها الإنسانية ، وتكنيز شخصيتها الأنثوية لتكون قادرة على مشاركة الرجل في الفعل الحضاري دون أن تخضع لابتزازه أو انتهازيته، ذلك لأن الجانب العملي والعقلي والإنساني والحياتي في كلا الطرفين متساوٍ ويبقى الرجل متفوقاً برجولته الظاهرة البارزة، لأن الرجولة يناسبها الظهور والبروز فكيف تقابل المرأة الرجولة لتكون نداً للرجل ؟ ظنت المرأة أو قيل لها إن عليها أن تقابل رجولته البارزة بأنوثتها المكشوفة ومفاتنها المعروضة فصدقت ذلك ، وأخطأت لأن الأنوثة سلاح لا يناسبه الظهور والانكشاف بل ذلك يثلمه ويفقده قوته وأهميته، وكان من الواجب مواجهة الرجولة المكشوفة بالأنثوية المخفية والمفاتن المحجوبة فذلك لون من الدلال والتمنع يزيد المرأة قوة وحيوية وتأثيراً في الرجل .
إن سلاحها ليس كسلاح الرجل فسلاح الرجل لا يضيره الظهور والانكشاف بل يكون أمضى كلما كان كذلك ، بينما سلاح المرأة يكون أمضى كلما كان أخفى ، ألا ترى إلى الرجل يرى المرأة المحجبة التي تغطي وجهها فيتوق إلى رؤية عينيها ، وإذا رأى امرأة تظهر عينيها يتوق إلى رؤية وجنتيها ، وإذا رأى وجنتيها يتوق إلى رؤية فمها وشفتيها ، وهكذا ... بينما المرأة السافرة لا يتوق الرجل منها إلا إلى اللذة والمتعة لأنها مملة ومبتذلة، فهي بنظره رخيصة . حتى الرجل المنحرف الفاسق إذا ما أراد أن يقترن بامرأة اقتراناً مشروعاً ويتخذ منها شريكة لحياته، فإنه يبحث عن المرأة الشريفة العفيفة التي تحفظ نفسها وتعتز بشخصيتها ، وتصون كرامتها ( ) .
ألا ترى النفس تتوق إلى الفاكهة المغلفة النظيفة بينما تعاف الفاكهة المكشوفة للذباب والحشرات ، وهكذا فالمرأة طبقاً للمنظور الإسلامي أشبه بالجوهرة النفيسة التي تصان عن الأعين الزائغة والأيدي العابثة لتبقى ثمينة ناضرة جميلة :
قل لمن بعد حجاب سفرت أبهذا يأمر الغيدَ الشرف
إنمـا المـرأة درة وهـل يُصان الدر إلا بالصدف
إن في الحجاب جانباً من الإغراء أيضاً ولكنه الإغراء الإيجابي النافع الذي يحفظ للكيان الإنساني وجوده ونوعه وعفته ، فالمرأة المحجبة حين تحجب نفسها عن زوجها أثناء الخروج من المنزل وتستر مفاتنها عنه تغريه وتشوقه إليها ، ويشعر بتجدد في علاقته العاطفية معها حين تدخل معه المنزل مرة أخرة بحجابها ثم تخلعه أمامه وله فقط ! ، بينما تلك السافرة المتبرجة فلا يوجد لديها ما تخفيه عن زوجها بل عن الناس إلا القليل ، فجسدها مكشوف ، ومفاتنها معروضة للغادين والرائحين ، ولذلك فبضاعتها كاسدة ، ألا ترى أن احتكار السلع يزيد في ثمنها ، ويعزز من قيمتها ، فكذلكم المرأة التي تحتكر جمالها وأنوثتها ومفاتنها .
إن هناك مشكلة يعاني منها الغرب بسبب العري والسفور والخلاعة فحيثما اتجه الإنسان يجد أمامه نساءً كاسيات عاريات مائلات مميلات ، وهذا فجّر لديه الغريزة الجنسية، ولم يتمكن من كبحها لأنها ثارت فهاجت فانفجرت، "" فكان خطر القنبلة الجنسية أشد هولاً من خطر القنبلة الذرية "" ( ) فحيثما اتجه الإنسان اليوم في دوامة العولمة يتعرض " للقصف الجنسي " ( ) في الإعلانات والمجلات والأفلام ، والآن دخل " الغزو الجنسي " إلى البيوت عبر المحطات الفضائية ، ومع طول العهد والاعتياد للمناظر الفاتنة المغرية الفاضحة ، ومع طول الانغماس في الإباحية والشهوات تحول الأمر إلى مشكلة أخرى لم تكن في الحسبان – فبالإضافة إلى الأمراض الجنسية الكثيرة التي انتشرت نتيجة للعري والسفور ظهرت مشكلة البرود الجنسي، فلم يعد الرجل يميل إلى المرأة لأنها أنثى تثيره بضحكها أو بمشيها أو بقوامها أو بأنوثتها ، ولم يعد يثيره فيها إلا الترميز الجنسي بكافة أشكاله وممارساته، ولذلك أخذ الإنسان الغربي يتفنن في اختراع المثيرات والمرغبات الجنسية المقززة، والتي تعافها الفطرة السليمة . وحين يقضي كل منهما وطره من الآخر يشعر بتفاهة اللذة ، وانعدام المعنى ، وعدمية الوجود، إذ أقصى ما يطمحان إليه قد بلغاه فإذا هو جدارٌ صلبٌ تصطدم به السعادة . وهنا نلاحظ منفعة الحجاب إذ هو يكشف لنا أن وراء اللذة بعداً روحياً نسمو إليه يخترق ذلك الجدار الصلب، وهو من حيث لا نشعر يحقق توازناً بين الشهوة والحب أو قل بين اللذة والمسؤولية ، أو قل بين الرسالة والمتعة .
إن المجتمع الذي تحتجب نساءه مجتمع لا يعاني مطلقاً من الأمراض الجنسية ، ولا يعاني رجاله مطلقاً من البرود الجنسي ، لأن المرأة المحجبة تحفظ لزوجها طاقته الجنسية وتعينه على تجديدها بشكل مستمر في لحظات انحجابها وانكشافها أمامه . "" قال لي أحدهم : إنه يشعر بتجدد في علاقته مع زوجته كلما ارتدت حجابها وخرجت معه في نزهة أو زيارة ، وإنه يشعر كأنه يراها لأول مرة حين يعودان إلى البيت فتخلع لباسها أمامه "" .