بسم الله الرحمن الرحيم . إذا أردت أن تحفظ القرآن وتحصل على سند ، ما عليك سوى الاتصال بنا . كما يمكنك الحفظ معنا عبر الإنترنت
إذا أردت دراسة أحد علوم اللغة أو أحد المواد الشرعية فقط راسلني .::. إذا أردت إعداد بحث لغوي أو شرعي فنحن نساعدك بإذن الله

language اللغة

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

اذكر الله

11‏/07‏/2011

تـرجـمـة الإمـام ابن عامر( رحمه الله)

تـرجـمـة الإمـام ابن عامر( رحمه الله) 
قــال الشــاطـبـي :
وأمَّا دمشقُ الشامِ دارُ ابن عامرٍ فتلك بعبدِ الله طابت مُحَلَلا
هشامٌ وعبدُ الله وهو انتسابه لذكوانَ بالإسنادِ عنه تُنقَّلا
عبد الله بن عامر اليحصبي :
اسـمه : عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة بن عامر اليحصبي ، نسبه إلى يحصب بن دهمان .
كنيته : أبو عمران .
مولده : ولد سنة إحدى وعشرين من الهجرة وقيلَ سنة ثمان منها ، وهو من القراء السبعة .
وفاته : توفي بدمشق سنة ثمان عشرة ومائة يوم عاشوراء .
من القراء السبعة وأعلاهم سندا .
كان إماماً تابعياً كبيراً جليلاً ، وعالماً شهيراً ، وهو إمام أهل الشام في القراءة ، والذي إليه انتهت مشيخة الإقراء بها بعد وفاة أبي الدرداء .
أمَّ المسلمين بالجامع الأموي سنين كثيرة في عهد عمر بن العزيز وقبله وبعده ، فكان عمر يأتم به وهو أمير المؤمنين وناهيك بذلك منقبة .ولجلالته في العلم والإتقان جمع له الخليفة بين القضاء والإمامة ، ومشيخة الإقراء بدمشق ، ودمشق إذ ذاك دار الخلافة ، ومحط رحال العلماء والتابعين ، فأجمع الناس على قراءته وعلى تلقيها بالقبول ، وهم الصدر الأول الذين هم أفاضل المسلمين .
قرأ على أبي هاشم المغيرة بن أبي شهاب عبد الله بن عمرو بن المغيرة المخزومي .
وقرأ على أبي الدرداء عويمر بن زيد بن قيس كما قطع بع الحافظ أبو عمرو الداني .
وقرأ المغيرة على عثمان بن عفان رضي الله عنه .
وقرأ أبو الدرداء وعثمان على رسول الله صلّى الله عليه وسلم .
وقد ثبت سـماعه القرآن والحديث عن جماعة من الصحابة منهم : النعمان بن بشير ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وفضاله بن عبيد رضي الله عنهم أجمعين .روى القراءة عنه عرضاً يحيى بن الحارث الذمار ، وهو الذي خلفه في القيام بها والإقراء لها وأخوه عبد الرحمن بن عامر ، وربيعة بن يزيد ، وجعفر بن ربيعة ، وإسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر ، وسعيد بن عبد العزيز ، وخلاد بن يزيد بن صبيح المري ، ويزيد بن أبي مالك وغيرهم كثير .

حكم الكلام مع المخطوبة في الهاتف

  عنوان الفتوى:   كلام المخطوبة في الهاتف جائز أم لا؟
  صاحب الفتوى:   أبو البراء  من : مصر
  الفتوى:

هل يجوز أن أكلم خطيبتي في التليفون؟



  الــــــــــــــــــرد:

أجاب على هذا السؤال فضيلة الشيخ/ عبد الخالق الشريف

المشرف العام على الموقع، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

الخاطب كالأجنبي تماماً ,لأن الخطبة وعد بالزواج وليست زواجاً ,وإذا حضر الخاطب مع خطيبته في حضور محرم لها وتكلما فقد أجاز ذلك العلماء لأن المحرم للفتاة يسمع الكلام من الطرفين وفي وجوده وحضوره لن تنفلت العواطف وتلتهب,أما عند الحديث بالهاتف فهل محرم الفتاة يسمع الكلام حتى يرى إن كان مسموحاً به شرعاً أو فيه زيادة؟

وعلم الأهل لا بييح ذلك بل حضور المحرم أيضا لا بييحه,ومن الذي يحدد المسموح مع انفلات الأعصاب شيئاً فشيئاً.

حكم لعب الدومنة والكوتشينة

  عنوان الفتوى:   حكم لعب الدومنة والكوتشينة
  صاحب الفتوى:   أبو أنس  من : بنها - مصر
  الفتوى:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ماحكم لعب الدومنة والكوتشينة؟



  الــــــــــــــــــرد:

أجاب على هذا السؤال فضيلة الشيخ/ عبد الخالق الشريف

المشرف العام على الموقع، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

نهى الإسلام عن لعب النرد وكل ما يشابهه لأنه لعب يقوم على ما يقول الناس عنه بأنه الحظ وليس فيه جهد فكر أو ما يبذل من مجهود في مسابقات أو غير ذلك ,ومن هذا الدومنة والكوتشينة,هذا علاوة على أنه لا فائدة منها وتضيع على المسلم وقتاً هو جزء من عمره يمكن استخدامه في أداء الواجبات أو المندوبات أو المباحات.

في مواجهة أدب السقوط

في مواجهة أدب السقوط
السبت 08 شعبان 1432 ـ الموافق 09 يوليو 2011
الدكتور جابر قميحة

د. جابر قميحة *

gkomeha@gmail.com

الحداثيون بما - رزقوا من سلطان واندفاع - يتهمون كل ما هو إسلامي حتى الأدب. ويتهمون أنصاره بالظلامية والرجعية وهم يتساءلون لماذا الأدب الإسلامي ؟ ونقول لأمثال هؤلاء إن من حقنا أن نسأل نحن بل لماذا الأدب اللا إسلامي... أدب المجانة والسقوط والغثيان والدخان الأزرق. ونحن بأدبنا الإسلامي القويم في غنى عن أدب هؤلاء وفكرهم... فنحن الإسلاميين أصحاب أصالة تاريخية، وأصالة قاعدية: فقد بدأ الأدب الإسلامي من عهد النبوة، وما نكتبه حاليًا إنما هو إضافة لموجود، وتقوية لبناء قائم مع التطوير والاستفادة من الآليات الفنية الجديدة: أجناسًا وتصويرًا وتعبيرًا.

بل إن الأدباء الإسلاميين على مدى عقدين أنتجوا وأبدعوا مئات من الكتب والدواوين الشعرية، وكلها تدور حول المضامين الآتية:

1- تصوير المآسي والنكبات المتتالية التي نزلت وتنزل بشعوبنا.

2- تمجيد الأبطال من الشهداء والمجاهدين.

3- تصوير بطولات الأحياء وتضحياتهم في سبيل الله والوطن.

4- استحضار الشخصيات الإسلامية التاريخية من أمثال خالد بن الوليد وصلاح الدين ومحمد الفاتح.

5- تقديم القيم الإسلامية الشامخة مثل الجهاد والإباء وعزة النفس والصبر والعلم.

6- الدعوة صراحة أو ضمنًا إلى الثأر من أعداء الأمة الإسلامية ومغتصبي الأرض العربية من مستعمرين وصهاينة.

7- الاهتمام الخاص بأدب الأطفال وخصوصًا القصة والشعر.

أهذا خير أم أدب يدعو إلى الجنس الصارخ ؟ كما رأينا في إحدى مطولات واحد منهم قلد فيها الأصوات السريرية البهيمية، وآخرى تحمل كلامًا مبتذلاً بعنوان شرفة ليلة مراد.

إن أمتنا العربية تعيش أشد عصورها كربًا وهوانًا حتى أصبحت طعامًا وأضحوكة لأعدائها، وحتى تستعيد هويتها، وتسترجع ذاتها ومكانتها بين الأمم.... إن علينا أن نعتمد على فكر نقي نظيف وأدب إنساني جاد، يحافظ على جلال الكلمة، وعلى ميراثنا العظيم النبيل، ويكون له مكانه الشريف في مناهجنا الدراسية في المدارس والجامعات والأندية والمحافل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صناعة الخاتمة

صناعة الخاتمة
السبت 08 شعبان 1432 ـ الموافق 09 يوليو 2011
د. خالد أبو شادي

د. خالد أبو شادي

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- ( إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله. قيل: كيف يستعمله؟ قال: يوفِّقه لعمل صالح قبل الموت ثم يقبضه عليه. رواه أحمد والترمذي وابن حبان والحاكم عن أنس كما في صحيح الجامع رقم: 305

من الناس صنف كالهواء يملأ "الفراغ" من حولنا، و"ينتشر" بيننا موزِّعا نسماته وبركاته على كل مَن يمر به، سجية في النفس وطبعا لا تكلف فيه، وكما لا نستشعر أهمية الهواء حتى نفقده، وعندها يصيبنا الاختناق ونشعر بالألم، فكذلك هذا النوع الفريد من البشر نحس أن أرواحنا أصابها لون من ألوان الموت حين نفقده، فلا يعود هناك ما نستنشقه من عبير كلماته وعطر أفعاله، ولا أدري ما سبب عدم إحساسنا بقيمة هذا الجيل الذي يتوازن بهم الكون فلا يضطرب، ويرحم الله بهم عباده فلا ينزل بهم العذاب؟!

!أهي النفس الجحودة التي لا تدرك النعمة إلا بعد فقدها أم هو النسيان المغروس في طبيعة البشر أم هي أعباء الدنيا المتراكمة تلقي غشاوتها على القلوب والأبصار، أم هذه الثلاثة مجتمعة؟

أحسب من هؤلاء الأفذاذ والله حسيبه: الوالد الحبيب الحاج أحمد أبو شادي، وهو الذي أخذ بيدي لأدرج في مدارج الدعوة، وهو الذي كان سببا في حفظي لكتاب الله، وارتيادي ميدان الكتابة الإيمانية، وإن تعلمت منه الكثير في حياته ونهلت من مواقفه ثرية المعاني عميقة التأثير، فإن أبلغ دروسه وأوفاها عندي كانت عند وفاته.. واسمعوا

كم سمعت أبي يقول: أتمنى ان يتوفاني الله وأنا وسط إخواني في مهمة دعوية وأثناء خدمة الدعوة.. وهذا أقصى ما أتمناه. وكان هذا سمته الذي صاغ طريقة حياته ورتَّب على أساسه أولوياته، حتى أن أحد إخوانه جاءه يوما ليصحبه في موعد دعوي اتفق عليه معه مسبقا، فإذا بالأخ يجد الوالد في حالة مرضية شديدة تحول بينه وبين الوفاء بوعده، فأشفق عليه الأخ وعرض عليه أن يستريح و"يعتذر"، فقال له: وماذا أفعل إذا جاءني ملك الموت!! هاتي العباءة يا أم أسامة!!

بركة الدعوة -:

والعجيب أنه كان بمجرد انطلاقه مع إخوانه في الدعوة تغادره آلامه ولا يعود يشعر منها بشيء، حتى إذا انتهى من رحلته أو محاضرته وقفل راجعا عاودته الآلام بمجرد وصوله إلى البيت!! وقد رأيت هذا يتكرَّر معه أثناء مرضه فى السنوات الأخيرة، والآن أحبتاه مع قصة النهاية وختامة الرحلة وحلاوة العاقبة وروعة النقلة من دار إلى دار: ذهب مع إخوانه يوم الخميس 11 فبراير إلى بلدة تبعد عن القاهرة عشرات الكيلومترات مع ما كان يشكوه من تعب ومرض حيث ألقى ثلاث محاضرات يوم الخميس، وقد أخبرني وهو في المستشفى أنه تحامل فيها على نفسه وأحس بآلام الذبحة الصدرية مع آخر محاضرة له لكنه آثر إتمامها، وصاحبته الآلام طوال الليل، ليعرضه إخوانه على الطبيب يوم الجمعة الذي أوصى بضرورة نقله إلى العناية المركزة، واتصل بي وهو عائد إلى القاهرة بينا أنا في معرض القاهرة الدولي للكتاب، واتفق معي أن أقابله في المستشفى، ولقيته هناك حيث دخلها يوم الجمعة

خاتمة قرآنية -:

وقد أخبرتني أختي أن آخر ما كان منه أنه طلب إليها أن تقرأ عليه آخر ربع في سورة النساء حيث وصل ورده من التلاوة، فقرأت عليه وأخطأت فردَّها وهو في شبه غيبوبة، ثم قرأ عليه أخي أسامة نفس الربع فأخطأ فردَّه، ثم قرأ عليه ابن أخي عمار نفس الربع فردَّه، ورغم أن موته لم يكن يخطر ببال أحد منا، إذ كنا نظنها وعكة طارئة، إلا أن الله ألقى في روع أخي أسامة أن يلقِّنه الشهادة، ولا يزال أسامة حتى هذه اللحظة لا يعرف السبب الذي دعاه لتلقين أبي الشهادة!! وكأنه يُلقّى الكلام من ملك كريم!! فردَّدها أبي وراءه ثلاث مرات، ثم خرج أسامة من عنده بناء على إشارة الطبيب، ودخلت عليه أنا في الساعة السابعة لأجده في النزع الأخير، وتفيض روحه أمام عيني إلى بارئها مساء يوم الاثنين

أمنية الشهادة: -

وكان والدي قد أخبر أختي في مرض موته أنه إن مات فسيحتسب نفسه عند الله شهيدا لأنه خرج في خدمة الدعوة، ومات أثناء تصديه لهذا الشرف العظيم وحمله لهذه التركة الثقيلة، وحقق الله له أمنيته وتم له ما أراد، لأن الحقيقة المكرورة والقاعدة الراسخة في قانون الموت والحياة أنَّ من عاش على شيء مات عليه، وقد تشرَّب أبي حب الدعوة بكل ذرة في كيانه حتى ملك عليه كل شيء في حياته، لسان حاله

قد تسرَّبتِ في مسامات جلدي مثل ما قطرة الندى تتسرب

ولأن من مات على شيء بُعِث عليه، فأحسبه يُبعث بإذن الله داعيا في عرصات القيامة، يتلو القرآن بين الناس على أرض المحشر، متما هناك ما ابتدأه هنا

رحمك الله أبتاه.. يا حجة الله على الكسالى والمستخفين خلف رداء الغفلة

يا أصحاب الأعذار.. هاكم قطع كل عذر زائف أو حتى غير زائف !! أيها الشباب المتلئ حيوية ونشاطا.. انهلوا من معين العزيمة المتدفِّق وارتووا من نبع الإرادة الفياض.. يتفجَّر من قلب شيخ ضعيفٍ اشتعل الرأس منه شيبا وانحنى ظهره بمرور عمره رويدا رويدا

إخوتاه في الدعوة..

من أراد منكم خاتمة كهذه فليسلك نفس الطريق، وليفعل مثل ما فعل، والله ليس من طريق أخرى موصلة، قد اتضح الأمر وبان ولم يعد في حاجة إلى طول بيان

!من رغب في خاتمة حسنة يختصه الله بها فليصنعها بيده من الآن

وتسألونني: كيف؟ أنا أقول لكم كيف..

ليضع كل واحد منكم نصب عينيه خاتمة خاصة يدعو الله أن يتوفاه عليها، ثم يبذل في سبيلها أكثر عمره، وتملك عليه عقله، وتتشرَّبها روحه، وأيقنوا إن فعلتم بالكرم الإلهي والجود الرباني، وترقَّبوا موتتكم كما خطَّطتم، فما هي غير مسألة وقت!! قد علمتم أن الموت ليس منكم ببعيد، بل أقرب إلى أحدكم من حبل الوريد، فلك أن تتخير أخي من الخواتيم ما تشاء:

 

 تريد الموت داعيا وأن يبعثك داعيا فلتسلك نفس الطريق، ولتملك عليك الدعوة شغاف قلبه، وتحتل أولى أولوياته، ولتطلِّق في سبيلها كافة أعذارك.

 تأمل الموت ذاكرا فليلهج لسانك بالقرآن صباح مساء تاليا حافظا قائما.

 تود أن تقضي شهيدا فعش سيرة الشهداء واقرأ أخبارهم وحدِّث نفسك بالحور المنتظرة لك على شوق، وقدِّم المهر عاجلا لا تتوان!

أجل أبتاه...قد تعلمتُ الدرس وفهمت الرسالة وقرأت ما وراء الرحيل:

الطريق ممهدة والسبيل واضح، يسيرة على من يسَّره الله عليه، شاقة على من بخل وأعرض ونام. وأنتم يا من لا زلتم رازحين تحت قيود المادة..أيها المغترون ببريق الدنيا غافلين عن حرث آخرتكم..هاكم الخاتمة التي يتبارى عليها الصالحون.. ارفعوها أمامكم عيونكم..استحضروا هذه المكرمة في قلوبكم.. نقلت لكم خبرها لتغاروا فتقلِّدوا.. فينال الوالد الحبيب مزيد الثواب في قبره بعد أن انتفع الناس بموته كما انتفعوا بحياته.

أما أنت يا أبتاه..

فما عدت قلقا عليك.. فقد استرحت من عناء السفر وطول العناء، وآن لك أن تضع عصا الترحال عند رب كريم يجازي على الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة أو يزيد، وحان لك أن تتعوَّض عن الآلام التي كانت تضرب ساقيك طوال الليل فلا تنام، والأسفار التي كابدتها على مشقتها وكبر سنك ووهن جسمك وشدة مرضك، ولتتهيأ للغمسة الموعودة في الجنة التي يختفي معها أي بؤس أو شقاء أبدا..

أبتاه.. غاية ما يؤلمني في موتك شيئان:

الأول: الفراق وأنني لم أعد أراك، ولا أستقبل مكالماتك توقظني قبل الفجر لقيام الليل، ولن أتلقى كلماتك العذبة تبث السكينة في قلبي كلما اعتراني اضطراب أو داهمتني حيرة أو شدة، أواه يا أبتاه.. كم هي موحشة الدنيا من غيرك.. لكن سلواي التي أصبِّر بها نفسي المفجوعة وقلبي الموجوع أن الموعد الجنة والملتقى رسول الله وأحلى متعة تجمعنا غدا: نظرنا إلى وجه رب كريم.

والثاني: أني أخاف أن لا أرزق نفس الخاتمة، أو أضطرب في سكرات الموت، أو أُحرم التوفيق الذي نلته عند موتك بفضل ربك، لكن حسبي أني قطعت العهد بيني وبين ربي أن أقتفي أثرك القرآني، وأقتدي بك في شغفك بدعوتك، وأنافسك في مودتك لكل من حولك، وأجاريك في تلبيتك كل من قصدك، لسان حالي ما حييت:

لك عندي وإن تناسيت عهد في صميم القلب غير نكيث

أما أنتم أحباب الشيخ.. ويا من رأيتموه أو لم تروه لكن بلغكم خبره..

السباق السباق قولا وفعلا حذِّروا المسبوق حسرة المسبوق

اللهم إن حُرِمنا بعد اليوم صحبته فلا تحرمنا في الجنة رؤيته..

اللهم ارفع درجته في الجنة بينا هو في قبره باستغفار تلامذته له وسيرهم على خطاه..

اللهم آنس وحشة قبره بطول قيامه بالليل وترنمه بآياتك آناء الليل وأطراف النهار..

اللهم اجعل نصيبنا من سيرته حسن الاقتداء واقتفاء الأثر ومسابقته إلى أعالي الجنان..

اللهم اختم لنا على الإسلام.. اقبضنا على الإيمان.. توفنا على أشرف القربات: الدعوة إليك والجهاد في سبيلك..

أعطنا أجر الشهادة وبلِّغنا منازل الشهداء وإن حيل بيننا وبين قتال أعدائك..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إدمان المواقع الإباحية

عنوان الفتوى:   إدمان المواقع الإباحية.. كبيرة أم صغيرة؟
  صاحب الفتوى:   راجي توبة الرحمن  من : مصر
  الفتوى:

ابتليت بمشاهدة المواقع الإباحية ووصل الأمر معي إلى حد الإدمان وبعد كل مرة أتوب ولكن سرعان ما أرجع إلى الذنب مرة أخرى فماذا أفعل؟ هل طمس على قلبي وحيل بيني وبين التوبة؟ هل مشاهدة المواقع الإباحية من الصغائر فتكفرها الصلوات؟



  الــــــــــــــــــرد:

أجاب على السؤال فضيلة الشيخ :- عصام الشعار - عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..

فنسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك خشيته في السر والعلن وألا يجعلنا من الذين إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها.. آمين.

أما الجواب عن سؤالك فمشاهدة المواقع الإباحية كونها من الكبائر أم من الصغائر هذا يتوقف على حال من يشاهدها، فالذي يقع في هذه المعصية مرة ثم يتوب ففعله ليس من الكبائر، أما الذي يصر على مشاهدة المناظر الإباحية فهذا مقترف لكبيرة من الكبائر في هذه الحالة، فالإصرار على المعصية حتى وإن كانت من الصغائر يجعلها من الكبائر.

قال الإمام الغزالي في الإحياء: اعلم أن الصغيرة تكبر بأسباب منها الإصرار والمواظبة ولذلك قيل لا صغيرة مع الإصرار.. انتهى

وقال البدر الزركشي: والإصرار يكون باعتبارين:

أحدهما: حكمي، وهو العزم على فعل تلك الصغيرة بعد الفراغ منها، فهذا حكمه حكم من كررها فعلاً، بخلاف التائب منها، فلو ذهل من ذلك ولم يعزم على شيء فهذا هو الذي تكفره الأعمال الصالحة من الوضوء والصلاة والجمعة والصيام، كما دل عليه الأحاديث.

والثاني: الإصرار بالفعل.انتهى.

فالإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة لا تكفرها الصلاة، بل لا بد من التوبة منها بشروطها.

والمشكلة ليست في كون هذه المعصية من الصغائر أم الكبائر، لكن المشكلة تكمن في الجرأة على الله ومبارزته بالمعصية، فالذي يأمن عاقبة الذنب على خطر عظيم، وقديما قال سلفنا الصالح: "لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر إلى عظمة من عصيت".

فالاستهانة بالذنب خطرها عظيم، لأنه يورث في القلب النفاق، فكما قال ابن مسعود -رضي الله عنه: المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن المنافق يرى ذنوبه كذباب مر بأنفه فقال به هكذا.

فالذي يتذكر عاقبة الذنب في الدنيا والآخرة لما تجرأ على الله وبارزه بالمعصية، وصدق الله "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (النور: 63) ولذلك يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الاستهانة بصغار الذنوب فيقول: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن وادٍ فجاء ذا بعودٍ وجاء ذا بعودٍ حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه" رواه أحمد والطبراني.

وعند النسائي وابن ماجه من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله طالباً".

والله أعلم.

(2) رسائل الإسراء التربوية الإيجابية
الخميس 06 شعبان 1432 ـ الموافق 07 يوليو 2011
(2) رسائل الإسراء التربوية الإيجابية
بقلم الدكتور :- حمدي شعيب

سيدي الحبيب صلى الله عليكم وسلم ...

هذه هي رسالتي الثانية التي تبحث في أسرار حادثة الإسراء والمعراج الجليلة، وتستكمل ما بدأناه من إعادة لقراءة ملفاتها الثرية.

لقد جاءت اللحظات الحاسمة والجليلة؛ والتي جاء وصفها في كتب السيرة: (ثم رفع إلى سدرة المنتهى، فإذا نَبْقُها مثل قِلاَل هَجَر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، ثم غشيها فراش من ذهب، ونور وألوان، فتغيرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها‏.‏ ثم رفع له البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون‏.‏ ثم أدخل الجنة، فإذا فيها حبائل اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك‏.‏ وعرج به حتى ظهر لمستوى يسمع فيه صَرِيف الأقلام‏).‏ [الرحيق المختوم: المباركفوري]

يا لها من لحظات؛ هكذا شاهدتم ما لم ولن يشهده بشر؛ خاصة عندما سمعتم خرير الأقلام وهي تسجِّل ما يدور في هذا الوجود الكبير!؟.

ويا له من موقف جليل؛ لا يستطيع أن يصفه مخلوق؛ إلا الخالق العظيم؛ الذي وصفه بكلمات فريدة تليق بالمشهد الفريد، وتليق بقمة التشريف، والتقدير الرباني العلوي الذي يأتي في وقته.

ونستشعر أن الياء الممدودة تسكب فينا استشعار هذا الامتداد اللامنتهي؛ والذي يمتد ليحلق بنا في ملكوت السموات والأرض بل والوجود كله: "وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى. مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى. وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى. ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى. وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى. ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى. مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى. أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى. وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى. عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى. إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى. مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى. لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى". [النجم1-18]

سيدي الحبيب ...

نريد أن تسعفنا أذهاننا وقلوبنا؛ فنتخيل كيف تحملتم هذا المشهد القدسي؟.

وكيف كنتم تعايشون هذه الاحتفالية الربانية العلوية؟.

إنه اللقاء الذي كان بمثابة الهدف المقصود من الرحلة كلها؛ وهو الحضور في رحاب الجليل سبحانه؛ فترى من آيات ربنا الكبرى.

وذلك كما (ورد في تعليل هذه الرحلة هو قوله تعالى‏:‏ "‏لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا". ‏[‏الإسراء1‏]‏ وهذه سنة الله في الأنبياء، قال‏:‏ "‏وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ". ‏[‏الأنعام‏75‏]‏، وقال لموسى عليه السلام‏:‏ " ‏لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى". ‏[‏طه‏23‏]‏، وقد بيَّن مقصود هذه الإراءة بقوله‏:‏ "‏وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ" فبعد استناد علوم الأنبياء إلى رؤية الآيات يحصل لهم من عين اليقين ما لا يقدر قدره، وليس الخبر كالمعاينة، فيتحملون في سبيل الله ما لا يتحمل غيرهم، وتصير جميع قوات الدنيا عندهم كجناح بعوضة لا يعبأون بها إذا ما تدول عليهم بالمحن والعذاب‏). [المصدر السابق]‏

لقد كانت لحظات رائعة، وفاصلة في عمق التاريخ البشري، تلقيتموتها في وقتها؛ ونستشعر أنها تسكب داخل كل صاحب قضية أو هدف أو مشروع عظيم عدة رسائل محفزة؛ داعية للتفاؤل والإيجابية، وتحمل التحديات لتحقيق الغايات؛ مثل:

(1)عندما تتهاوى الأسناد الأرضية؛ فهناك سند علوي كريم لا يتركك ولا يزول؛ فامتلئ ثقة به ولذ به.

(2)أشفق على ظالمك؛ وأرسل سهامك إلى خالقك؛ فهناك صحف تملأ وملائكة تكتب، وأقلام تسطر.

(3) دوماً تشرق الشمس؛ فلا تستطيل ليلك، واملأ جعبتك بالأمل.

6- ابحث عن مستشار نزيه ومخلص:

 لقد كان لموسى عليه السلام موقفاً رائعاً معكم أيها الحبيب؛ (ثم عرج به إلى الجبّار جل جلاله، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، وفرض عليه خمسين صلاة، فرجع حتى مرّ على موسى فقال له‏:‏ بم أمرك ربك‏؟‏ قال‏:‏ ‏[بخمسين صلاة‏]‏‏.‏ قال‏:‏ إن أمتك لا تطيق ذلك، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فالتفت إلى جبريل، كأنه يستشيره في ذلك، فأشار‏:‏ أن نعم إن شئت، فعلا به جبريل حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى، وهو في مكانه ـ هذا لفظ البخاري في بعض الطرق ـ فوضع عنه عشرًا، ثم أنزل حتى مر بموسى، فأخبره، فقال‏:‏ ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل، حتى جعلها خمسًا، فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف، فقال‏:‏ ‏[قد استحييت من ربي، ولكني أرضى وأسلم‏]‏، فلما بعد نادى مناد‏:‏ قد أمضيت فريضتى وخففت عن عبادي)‏. [المصدر السابق]

لقد قدَّم مثلاً رائعاً في النزاهة وحب الخير، وضرب مثلاً راقياً للمستشار المخلص، الذي يقدِّم خبرته لنجاح الآخرين، والتعاون في صنع الخير.

فرغم دموعه عليه السلام لأنكم أيها الحبيب قد نلتم وأمتكم شرفاً يفوق ما نالته بنو إسرائيل؛ ورغم هذا كان رفيقاً بنا، وبتخفيف التكاليف التي يعلم من خبرته أن بشريتنا لا تطيقها.

فكم من موقف وكم من أزمة وكم من مشكلة؛ افتقدنا دور موسى عليه السلام فيها ولم نجده معنا.

ولذا فإننا نفهم الآن قيمة أن: "المستشار مؤتمن". [مسند أحمد ـ مسند الأنصار رضي الله عنهم]

7- امتلك رؤية مستقبلية ... وعش حلمك:

أما اللقطات الموحية التي يجب أن نقف عندها كثيراً؛ فهي عرض بعض أصناف وفئات من عصاة الأمة، وما يلاقونه من عقاب؛ مثل أكلة أموال اليتامى ظلمًا، وأكلة الربا، والزناة، وغيرهم.

‏ وكأنها رسالة؛ أن تتيقن أيها الحبيب أن مشروعك التغييري الحضاري سيتحقق، وهؤلاء هم شواذ هذه المنظومة المؤمنة التي ستحققها في دنيا البشر؛ بل وفي الكون كله!.

فمن أجمل الرسائل الإيجابية التي تبث روح الأمل في نفس كل صاحب قضية أو مشروع؛ هي:

(1) تصور وقوعه وتنفيذه على أرض الواقع؛ حتى ولو قبل تطبيقه بعقود، وأن يعيش الحلم من بداياته.

(2) أحلامك تبدأ من داخلك، وثقتك بنفسك تحتاج إلى من يطلق شرارة تفاعلها داخلك.

8- مشروعك يحتاج براهين ... تثبت ... وتتحدى:

ولقد حدث أثناء الرحلة بعض الأمور؛ كما نقلتها السير (ورأى عيرًا من أهل مكة في الإياب والذهاب، وقد دلهم على بعير نَدَّ لهم، وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون، ثم ترك الإناء مغطى، وقد صار ذلك دليلًا على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء‏.

قال ابن القيم‏:‏ فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه أخبرهم بما أراه الله عز وجل من آياته الكبرى، فاشتد تكذيبهم له وأذاهم واستضرارهم عليه، وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس، فجلاه الله له، حتى عاينه، فطفق يخبرهم عن آياته، ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئًا، وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه، وأخبرهم عن وقت قدومها، وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها، وكان الأمر كما قال، فلم يزدهم ذلك إلا نفورًا، وأبي الظالمون إلا كفورًا). [المصدر السابق]

لقد كانت بمثابة البراهين التي ساقتها الأقدار لتصدقكم أيها الحبيب، وتثبت مناصريك وأحبابك أمام تحديات وشبهات ومعارضات واستهزاء الآخرين.

وهي رسائل معبرة توجهنا جميعاً؛ أن تكون لدينا من البراهين المؤكدة والدامغة

9- مراعاة الجانب الأخلاقي: 

ومن اللمحات المعبرة؛ مثل (عرض عليه اللبن والخمر، فاختار اللبن، فقيل‏:‏ هديت الفطرة أو أصبت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك). [المصدر السابق]

ونستشعر فيها أيها الحبيب عدة رسائل تربوية؛ منها:

(1) أن نهتم بأدب الضيافة.

(2) بث ثقافة الحرية والاختيار.

(3) الاهتمام بالجانب الأخلاقي في سوكياتنا، وأن نتحرى الحلال من الطعام والشراب، ونتقي الشبهات.

(4) عدم الاصطدام بالفطرة.

وهناك قاعدة مهمة؛ وهي أن سلوك الفرد يدل على الفكرة التي يحملها.

لهذا فمن الضروري أن يكون سلوكنا ترجماناً صادقاً للفكرة الربانية التي نحملها وتستقيم مع فطرتنا.

وتأمل هذا الجانب السلوكي في حياة هؤلاء الفتية المؤمنين؛ أصحاب الكهف، عندما نتدبر الشرط الذي اشترطوه على رسولهم الذي أرسلوه ليحضر لهم الطعام: " فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ ". [الكهف 19]  أي فليتخير أحل وأطيب الطعام أو أجوده، فليأتكم بشيء منه.

فتأمل هذا الورع واجتناب المحرمات، والبعد عن الشبهات، وعدم الركون إلى أن الضرورات تبيح المحظورات، ولا أن الطعام كان مجهولاً المصدر. وتدبر كذلك هذا الشرط الصعب لمن يبحث عن طعام في مجتمع مسلم،  فما بالك بمجتمع غير مؤمن. وتأمل أيضا مغزى كلمة: "بورقكم"، أي من دراهمهم المضروبة ونقودهم الفضية، أي من مالهم الخاص. وما توحي به في النفس من أن الداعية لا يأكل إلا من ماله الخاص من ورقه المعروف مصدره، ومن كده الخاص، فاليد العليا دوما خير من اليد السفلى.

وهذا يعطي ملمحاً طيباً لنا أن نترفع عن الدنايا، ونتورع عن الشبهات.

10- صاحبك ... عنوانك:

أما موقف الصديق أبي بكر رضي الله عنه؛ فمشهور ويقال‏:‏ سُمي أبو بكر رضي الله عنه صديقًا؛ لتصديقه هذه الوقعة حين كذبها الناس‏.

وهذا يركز على أهمية وجود الصديق أو الصاحب الذي يناصرنا عندما يتخلى الآخرون، ويصدقنا عندما يكذبنا الآخرون.

أطفالنا.. والخبز المحروق.
الاثنين 03 شعبان 1432 ـ الموافق 04 يوليو 2011
أطفالنا.. والخبز المحروق.

أ. منير فرحان الصالح *

في دورة تدريبية لممارسة " فن الوالدية " سأل خبير تربوي ثلاث أمهات من المشاركات وقال لهن: لو حدث أن أَعدّت كلّ منكن ذات صباح طعام الإفطار لزوجها، وفجأة رنّ الهاتف وبكى طفلها، واحترق الخبز!!!

وعلّق الزوج قائلاً: متى ستتعلمين كيف تحمّرين الخبز دون أن تحرقيه ؟ ؟ ! ماذا سيكون رد فعلكن؟

أجابت الأولى: سأرمي الخبز فورًا في وجهه.

وقالت الثانية: سأقول له: انهض وأعدّ الخبز بنفسك.

وقالت الثالثة: سيجرح تعليقه مشاعري، وسأشعر أني على وشك البكاء.

هنا سألهن: وماذا سيكون شعوركن نحو أزواجكن؟

أجابت الأمهات الثلاث معًا: الغضب والكراهية والإحساس بالظلم.

ثم قال لهن: وهل سيكون من السهل عليكن إعداد خبز آخر له ؟

ردت جميع الأمهات معًا: لا، بالطبع لا.

عاد يسألهن: وإذا خرج الزوج إلى العمل، هل سيكون من السهل عليكن القيام بشئون المنزل بنفس مُنْشرحة؟

ردت الأولى: لا سأكون متضايقة طول النهار.

وقالت الثانية: لا لن أعمل شيئًا ذلك اليوم.

قالت الثالثة: سأقوم بواجباتي، ولكن بضيق. !!!

سأل الخبير: لنفترض أن زوجك قال: يبدو أن صباحك اليوم متعِب.. الهاتف يرن.. والطفل يبكي.. والآن يحترق الخبز. !! ماذا سيكون رد فعلكن؟

أجابت الأمهات: سنشعر بالرضا والسعادة.

أجاب الخبير: ما الفرق؟

فقالت إحداهن: سأشعر بالامتنان؛ لأنه لم ينتقدني وإنما فهم مشاعري ووقف معي لا ضدي.

عاد الخبير يقول: وإذا قال لك زوجك دعيني أريكِ كيف تقومين بتحمِير الخبز !!!

هنا صرّخت الأمهات: لا اااا هذا الزوج أسوأ !! لأنه سيجعلنا نشعر كأننا حمقاوات.

تبسّم الخبير وقال: دعونا نطبّق ما حدث، لكن على طريقة معاملتكن لأبنائكن:

هنا أدركت الأمهات سرّ عناد أبنائهم وأدركوا كذلك لماذا كان الابن يغضب عندما تقول له أمه " دَعْني أريك كيف تفعل هذا وذاك".!!

والقصّة رمزية، وكما أنها خاطبت الأمهات فإنها تخاطب الآباء !!

الأطفال نعمة عظيمة..

هم فلذات الأكباد..

وهم الأمل المزهر..

وهم الشعار والدثار !!

كثيراً ما تكثر شكوى الآباء والأمهات من أطفالهم، في كل نادٍ وفي كل مجلس، وأن الأطفال هم المسئولون بالدرجة الأولى عن سلوكياتهم الخاطئة - سواء في ذلك سلوكهم مع ذوات أنفسهم أو حتى مع غيرهم - !!

ولقد لفت نظري قرارا أصدرته محكمة ( بريطانية ) تقضي بعقوبة أولياء أمور الأطفال المشاكسين- ليس سجناً وراء القضبان - وإنما على مقاعد التدريب في دورة مهارية في كيفية التعامل مع الابن المشاغب  !!!

ترى كم من الآباء اليوم يحتاج للعقوبة ؟!

إن الطفل يحتاج أن يشعر بالأمان من جهة والديه - خاصة - بحاجة إلى الفهم والمشاركة ليتجاوز الخطأ الذي وقع فيه  !!

نحن بحاجة أن نغرس في أبنائنا سمة ( التغيير ) - على أن سمة التغيير هي سمة فطرية في الغالب - لكن بدافع إيجابي !!

إن الأب أو الأم قد يستطيع أحدهما أن يغيّر في سلوك طفله بالضرب والعقاب والخصام والصراخ، أقول: ربما يتغيّر سلوك الطفل لكن السمة في داخله لن تتغير !!

هو يحجم عن الخطأ خوفاً من الضرب لا من دافع قناعة نفسية بأن هذا الأمر خطأ !!

وربما حدا بهم هذا التّشنيع إلى آثار تربوية سيئة كالكذب والمراوغة والمخادعة تخلّصاً من علقة ساخنة !!

أبناؤنا قد يخطئون ولا يشعرون أنهم واقعون في خطأ ويفاجئون بتعالي الأصوات من حولهم تؤنبّهم وتوبّخهم توبيخاً لاذعاً !!

والطفل هنا يتأثر نفسياً وسلوكياً من طبيعة تعامل والديه معه عند الخطأ !!

الفاشل في حياته إنما هو حلقة من حلقات سلسلة الفشل الذي بدأ من البيت - عادة - !!

العنف, الكره, الحقد, والإجرام.. سلوكيات إنما هي سلسلة تربية نفسية وسلوكية تميّز في صناعتها الأبوان من قبل !!

ومن أجل أن نعزّز التغيير الإيجابي في سلوك أبنائنا لا بد أن ندرك بوعي أسلوب التصويب الإيجابي للطفل.

 

كان صلى الله عليه وسلم مرة جالسا على طعام فدخل غلام فجلس وكادت يده أن تطيش في الصحفة، فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم بيده وقال له في رحمة وحنان: " يا غلام: سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك " !!

إن الإيجابيّة في التصويب تعني: تشكيل الوعي عند الطفل الذي يؤثر على سلوكه. ولهذه الإيجابية مظاهر منها:

1- تبيين الخطأ بأسلوب مقنع غير جارح.

ليتك - أيها القارئ الكريم - تلحظ معي تصرّفه صلى الله عليه وسلم مع هذا الغلام حين أمسك الرسول صلى الله عليه وسلم بيده يمنعه في إشارة لطيفة حكيمة إلى خطأ هذا الفعل !!

وكأني به صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي - يمسك يد هذا الغلام في هدوء ورفق، ليهيئ نفسيّة هذا الغلام لتقبّل ما يأتيه من توجيه. إن طفلي وطفلك يحتاج أن يفهم حين يخطئ أن الفعل الذي صدر منه فعل خاطئ.

2- التعليق على السلوك لا التعليق على الشخص.

لا تصف طفلك بأنه ( غبي ) أو ( لا يفهم ) أو ( كم مرة أعلم فيك وأنت... ) !!

ونحو هذه العبارات واللواذع التي تكسر الإناء الممتلئ ماءً صافياً !!!

إنك حين تنصرف في توجيهك إلى التعليق على شخصية الطفل فأنت بذلك إنما تكرّس العجز والفشل عن الطفل، وبذلك تكون قد أحسنت في إخراج جيل فاشل مهزوم النفسية لا يستطيع أن يتحمّل المسؤولية !!

عندما يخطئ ابنك أو ابنتك لا تبيّن له أنه غير قادر على تجاوز خطأه، بل أشعره أنك مستعدّ لمساعدته وتجاوز خطأه ثم.. اترك له مساحة للتجربة والمحاولة !!

3- التوجيه العملي الإيجابي.

فبدلاً من أن تقول لطفلك: لا ترمي الكتب؛ قل له: الكتب مكانها الرفّ !!

وبدل أن تقول له: لا تبك كلما أردت شيئاً.. قل له: يعجبني أنك تتصرف كالرجال ولا تبك كلما أردت شيئاً !!

وهكذا تنتقل بالطفل نقلة سلوكية عملية إيجابية بدلاً من التوجيهات السلبية التي تنبيء عن التعنيف والزجر والتي تثير عناد الأطفال !!

4- التعليل المنطقي.

إن إلقاء الأوامر المباشرة للطفل قد تولّد عنده روح العناد والمقاومة، ولذلك فإن شرح الأمر للطفل ووضعه في إطار منطقيٍّ يتناسب مع مستوى الطفل، ويبعث في نفسيّة الطفل روح التعاون والاستجابة الواعية.

إنك حين تقول لطفلك ( احفظ دروسك ) أو ( اذهب إلى المدرسة ) أو نحو ذلك قد لا تعطيك هذه الأوامر نتيجة مرضيّة بمثل ما لو قلت له: ( لابد أن تحفظ دروسك وإلاً تميّز عليك أقرانك.. ) ( امتناعك عن الذهاب للمدرسة يصنع منك إنساناً فاشلاً..(..

وهكذا بإطار منطقيً يتناسب مع مستوى التفكير عند طفلك.. ربما يتمنّع حتى مع هذا الشرح المنطقي هنا تحتاج أن تشارك طفلك، وأن تساعده كأنك تقول له ( لنتسابق من يحفظ الدرس أولاً.. (!!

5- المكافأة بلا وعد.!

حين يطيعك طفلك..

احضنه..

قبّله..

أشد به بين إخوانه وأقرانه..

أو ابتكر طريقة محببة للطفل للدعم والتّعزيز.

إن المكافأة من شأنها السيطرة على سلوك الطفل وتطويره وهي أيضا وسيلة هامة في خلق الحماس ورفع المعنويات وتنمية الثقة بالذات - حتى عند الكبار أيضا - لأنها تعكس معنى القبول الاجتماعي الذي هو جزء من الصحة النفسية.

وفرق بين أن نكافئه على سلوك حسن وبين أن نعده بالمكافأة لو أنه كان هادئاً أو ترك الصّراخ.. لأن مثل هذا الوعد يربط بين (المكافأة) و (السّلوك)

إنك كلما عاملت طفلك باحترام وصبر.. وكنت متفهّماً لطبيعته مشاركاً له.. ستجد أنه كلما كبر أصبح أكثر تعاوناً وأشد براً. !!

ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* خبير في شئون الأسرة والطفل.