حـَالــَـة ُ حِـمــَـــار ! نحن في عصر الفضائيات . . . هذه حقيقة لا تقبل النقاش . . . وقد كثرت البرامج الحوارية حتى أصبحت القنوات التليفزيونية تعيش "حالة حوار" ، اللهم إلا قناة واحدة و برنامجا واحدا ، و مذيعا ( أو هكذا يظن نفسه ) واحدا . . . فإنهم مازالوا يصّرون على أن يعيشوا جميعا في . . . (حالة حمار) ! ! ! و لكي أثبت ذلك سأضطر لشرح الفرق بين حالة الحوار . . . و حالة الحمار . . . ! الحالة الأولى : حالة الحوار : هي حالة تحترم وجهات النظر كلها – أو على الأقل تجيد التظاهر بذلك – بحيث لا يستطيع أحد أن يمسكها متلبسة بجرم مصادرة الآراء ، أو القيام بدور الرقيب بشكل مفضوح . . . ! لذلك نجد أغلب هذه البرامج على الهواء مباشرة ، و من خلال نقاش معلن ، و لذلك تحدث بعض المهاترات و المواقف المحرجة للضيوف و المذيعين على حد سواء ! فتلك المواقف المحرجة تعتبر ضريبة الصراحة أو التظاهر بالصراحة . و أهم ما يميز حالة الحوار في البرامج الفضائية أنها تعلم جيدا أن السماء أصبحت مفتوحة ، و بالتالي تتحدث هذه البرامج على أساس أنها وجهة نظر من عدة وجهات نظر ، و بعد تدقيق في مصادر الأخبار و أسانيد الأقوال ، و على أساس أن ما يقال فيها يمكن مراجعته ، و التعليق عليه ، و تفنيده ، و إحراج قائله . الحالة الثانية : حالة حمار : و هي حالة تعيشها قنوات معينة ، تتبع جهة واحدة في الوطن العربي ، و برنامج معين – أكثر من غيره - ، و مذيع ( أو هكذا قالوا له ! ) أكثر من غيره !!! و هي حالة لا تحترم وجهات النظر الأخرى ، – أو على الأقل لا تجيد التظاهر بذلك ! – بل تعبر دائما عن وجهة نظر واحدة ( حكومية طبعا) بحيث يسهل على كل أحد أن يمسكها متلبسة بجرم مصادرة الآراء ، أو القيام بدور الرقيب بشكل مفضوح ، و غير أمين ! لذلك نجد هذا البرنامج مسجلا ، و نسمع كل فترة عن شخصية محترمة من الضيوف تعلن كيف حذف من الكلام ما يخل بالمعنى إخلالا جسيما ، و لذلك يكون كل شئ في البرنامج ( تحت السيطرة ) و بالتالي لا تحدث المهاترات و المواقف المحرجة للضيوف أو للمذيع ( الذي يدعي أنه مذيع ! ) . و من أهم ما يميز حالة الحمار أنها لا تملك الذكاء الكافي لكي تتصرف وفق معطيات جديدة أهمها أن السماء أصبحت مفتوحة ، و بالتالي لا يمكن أن تتحدث عن شخص أو مؤسسة أو " جماعة " في غياب من يمثلها . . . ! لأن ممثلها سيظهر في ألف فضائية أخرى . . . ! و بالتالي تتحدث هذه الحالة على أساس أنها وجهة النظر الوحيدة ، و على أساس أن ما يقال فيها لا يمكن مراجعته ، فهو القول الفصل مهما ضعفت الحجة و الأسانيد ، و مهما تهافت منهج البحث ، و مهما تعارضت الادعاآت في البرنامج مع ما يعلمه القاصي و الداني ! إن "حالة الحمار" حالة تظن أن الجميع سذج . . . حمقى . . . أغبياء . . . لا يملكون أدوات للمعرفة ! و أن الكل عليه أن يطالع القناة . . . و البرنامج . . . و المذيع . . . و يبدي إعجابه . . . ! إن الذي يظن نفسه مذيعا أو محاورا بارتدائه البدلة الموقعة من مصمم الأزياء الإيطالي الشهير متخيلا أن الناس لن تلاحظ أن الحالة ( أي حالة الحمار ) عبارة عن عرض (استريبتيز) سياسي ثقافي . . . لا شك مخطئ ! إن أسوأ ما في هذه الحالة . . . أنها مفضوحة للكل . . . إلا للذين صنعوا الحالة أنفسهم ! لذلك يمكننا أن نقول إنها حالة مرضية يصعب شفاؤها ، لم تتعلم من عصر الإنترنت و الفضائيات و قنوات مثل الجزيرة و العربية . . . الخ بل استمرت في نفس الحالة التي خلقها الله في خمسينيات القرن الماضي . . . حالة لا علاج لها . . . ! بقيت كلمة أخيرة . . . أعتقد أن القارئ قد عرف مجموعة القنوات التي أعنيها . . . ! والبرنامج الذي أقصده . . . ! و أعتقد كذلك أن الحمار معروف ! أو لنقل -مهما تشابهت الحمير عليكم - . . . من الواضح . . . أي حمار أقصد ! |
عبدالرحمن يوسف |
طريقك إلى الإجازات القرآنية والعلوم العربية والشرعية .... وقد كسيت منها المعاني عناية ... كما عريت عن كل عوراء مفصلا وتمت بحمد الله في الخلق سهلة ... منزهة عن منطق الهجر مقولا فيا خير غفار ويا خير راحم ... ويا خير مأمول جداً وتفضلاً أقل عثرتي وانفع بها وبقصدها ... حنانيك يا الله يا رافع العلا
16/06/2011
مقال حالة حمار بجريدة الكرامة .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق