إليكم هذا الحديث النبوي الرائع استمتع مع عبق النبوة
حديث أم زرع وشرح مفرداته الغريبة
عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت: " جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً. قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث، على رأس جبل، لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل . قال الشراح : المراد بالغث المهزول.وقولها : ( على رأس جبل وعر ) أي صعب الوصول إليه . فالمعنى أنه قليل الخير من أوجه: منها كونه كلحم الجمل لا كلحم الضأن ، ومنها أنه مع ذلك غث مهزول رديء ، ومنها أنه صعب التناول لا يوصل إليه إلا بمشقة شديدة . هكذا فسره الجمهور . وقال الخطابي: قولها: ( على رأس جبل ) أي يترفع ، ويتكبر ، ويسمو بنفسه فوق موضعها كثيرا أي أنه يجمع إلى قلة خيره تكبره وسوء الخلق . قالوا : وقولها : ( ولا سمين فينتقل ) أي تنقله الناس إلى بيوتهم ليأكلوه ، بل يتركوه رغبة عنه لرداءته . قال الخطابي : ليس فيه مصلحة يحتمل سوء عشرته بسببها.
قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره إني أخاف أن لا أذره ، إن أذكره أذكر عجره وبجره. قولها ( لا أبث خبره ) أي لا أنشره وأشيعه ( إني أخاف أن لا أذره ) معناه إني أخاف أن يطلقني فأذره . وأما ( عجره وبجره ) فالمراد بهما عيوبه ، وقال الخطابي وغيره : أرادت بهما عيوبه الباطنة ، والظاهرة .
قالت الثالثة: زوجي العشنق إن أنطق أطلق، وإن أسكت أعلق . قولها ( العشنق) هو الطويل ، ومعناه ليس فيه أكثر من طول بلا نفع ، فإن ذكرت عيوبه طلقني ، وإن سكت عنها علقني ، فتركني لا عزباء ولا مزوجة .
قالت الرابعة : زوجي كليل تهامة لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمة .
هذا مدح بليغ ، ومعناه ليس فيه أذى ، بل هو راحة ولذاذة عيش ، كليل تهامة لذيذ معتدل ، ليس فيه حر ، ولا برد مفرط ، ولا أخاف له غائلة لكرم أخلاقه ، ولا يسأمني ويمل صحبتي .قالت الخامسة: زوجي إن دخل فهد وإن خرج أسد ولا يسأل عما عهد .
هذا أيضا مدح بليغ ، فقولها : ( فهد ) تصفه إذا دخل البيت بكثرة النوم والغفلة في منزله عن تعهد ما ذهب من متاعه وما بقي ، وشبهته بالفهد لكثرة نومه ، يقال : أنوم من فهد ، وهو معنى قولها ( : ولا يسأل عما عهد ) أي لا يسأل عما كان عهده في البيت من ماله ومتاعه ، ( وإذا خرج أسد ) ، وهو وصف له بالشجاعة ، ومعناه إذا صار بين الناس أو خالط الحرب كان كالأسد .قالت السادسة: زوجي إن أكل لف وإن شرب اشتف وإن اضطجع التف ولا يولج الكف ليعلم البث . ( اللف في الطعام الإكثار منه مع التخليط من صنوفه حتى لا يبقى منها شيء . والاشتفاف في الشرب أن يستوعب جميع ما في الإناء ). وقولها : ( ولا يولج الكف ليعلم البث ) قال ابن الأعرابي : هذا ذم له ، أرادت : وإن اضطجع ورقد التف في ثيابه في ناحية ، ولم يضاجعني ليعلم ما عندي من محبته . قال: ولا بث هناك إلا محبتها الدنو من زوجها. وقال آخرون : أرادت أنه لا يفتقد أموري ومصالحي .قالت السابعة: زوجي غياياء أو عياياء طباقاء كل داء له داء شجك أو فلك أو جمع كلا لك . قولها : ( غياياء ) بالغين ، أو ( عياياء ) بالعين، وفي أكثر الروايات بالغين . قيل : هو العنين الذي تعيبه معاشرة النساء ، ويعجز عنها . وقال القاضي وغيره : غياياء بالغين صحيح ، وهو مأخوذ من الغياية ، وهي الظلمة ، ومعناه لا يهتدي إلى طريق ، أو أنها وصفته بثقل الروح ، وأنه كالظل المتكاثف المظلم الذي لا إشراق فيه ، أو أنها أرادت أنه غطيت عليه أموره ، أو يكون غياياء من الغي ، وهو الانهماك في الشر ، أو من الغي الذي هو الخيبة . قال الله تعالى : {فسوف يلقون غيا} وأما ( طباقاء ) فمعناه المطبقة عليه أموره حمقا ، وقيل : الذي يعجز عن الكلام ، فتنطبق شفتاه ، وقيل : هو العيي الأحمق . وقولها : ( شجك ) أي جرحك في الرأس ، فالشجاج جراحات الرأس ، والجراح فيه وفي الجسد . وقولها (فلك) الفل الكسر والضرب . ومعناه أنها معه بين شج رأس ، وضرب ، وكسر عضو ، أو جمع بينهما . وقيل : المراد بالفل هنا الخصومة وقولها : (كل داء له داء) أي جميع أدواء الناس مجتمعة فيه .قالت الثامنة: زوجي: المس مس أرنب والريح ريح زرنب .
الزرنب نوع من الطيب معروف. قيل : أرادت طيب ريح جسده ، وقيل : طيب ثيابه في الناس وقيل : لين خلقه وحسن عشرته . والمس مس أرنب صريح في لين الجانب، وكرم الخلق .قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد طويل النجاد عظيم الرماد قريب البيت من الناد .
قال العلماء : معنى رفيع العماد وصفه بالشرف ، وسناء الذكر ، أي بيته في الحسب رفيع في قومه . وقيل : إن بيته الذي يسكنه رفيع العماد ليراه الضيفان وأصحاب الحوائج فيقصدوه ، وهكذا بيوت الأجواد. وقولها : طويل النجاد بكسر النون تصفه بطول القامة ، والنجاد حمائل السيف ، فالطويل يحتاج إلى طول حمائل سيفه ، والعرب تمدح بذلك . قولها : ( عظيم الرماد ) تصفه بالجود وكثرة الضيافة من اللحوم والخبز ، فيكثر وقوده ، فيكثر رماده . وقيل : لأن ناره لا تطفأ بالليل لتهتدي بها الضيفان ، والأجواد يعظمون النيران في ظلام الليل ، ويوقدونها على التلال ومشارف الأرض لتهتدي بها الضيفان . وقولها : (قريب البيت من الناد ) : الناد والنادي مجلس القوم ، وصفته بالكرم والسؤدد ، لأنه لا يقرب البيت من النادي إلا من هذه صفته ؛ لأن الضيفان يقصدون النادي ، ولأن أصحاب النادي يأخذون ما يحتاجون إليه في مجلسهم من بيت قريب النادي ، واللئام يتباعدون من النادي .
قالت العاشرة: زوجي مالك. وما مالك مالك؟! خير من ذلك. له إبل كثيرات المبارك قليلات المسارح وإذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك .
معناه أن له إبلا كثيرا فهي باركة بفنائه ، لا يوجهها تسرح إلا قليلا قدر الضرورة ، ومعظم أوقاتها تكون باركة بفنائه ، فإذا نزل به الضيفان كانت الإبل حاضرة ؛ فيقريهم من ألبانها ولحومها . والمزهر بكسر الميم العود الذي يضرب ، أرادت أن زوجها عود إبله إذا نزل به الضيفان نحر لهم منها ، وأتاهم بالعيدان والمعازف والشراب ، فإذا سمعت الإبل صوت المزهر علمن أنه قد جاءه الضيفان ، وأنهن منحورات هوالك .
قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع. فما أبو زرع ؟! أناس من حلي أذني ، وملأ من شحم عضدي. وبجحني فبجحت إلى نفسي .
قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع. فما أبو زرع ؟! أناس من حلي أذني ، وملأ من شحم عضدي. وبجحني فبجحت إلى نفسي .
قولها (أناس ...) معناه حلاني قرطة فهي تنوس أي تتحرك لكثرتها ، وأسمنني ، وملأ بدني شحما . وقولها : ( وبجحني فبجحت إلي نفسي) : أي عظمني فعظمت عند نفسي . يقال : فلان يتبجح بكذا أي يتعظم ويفتخر .
ثم قالت : وجدني في أهل غنيمة بشق فجعلني في أهل صهيل وأطيط ودائس ومنق. فعنده أقول فلا أقبح وأرقد فأتصبح وأشرب فأتقنح )
قولها : ( في غنيمة ) بضم الغين تصغير الغنم ، أرادت أن أهلها كانوا أصحاب غنم لا أصحاب خيل وإبل ؛ لأن الصهيل أصوات الخيل ، والأطيط أصوات الإبل وحنينها ، والعرب لا تعتد بأصحاب الغنم ، وإنما يعتدون بأهل الخيل والإبل . وقولها : ( ودائس ) هو الذي يدوس الزرع يقال : داس الطعام درسه .
قولها : ( ومنق ) وهو من النقيق ، وهو أصوات المواشي . تصفه بكثرة أمواله ، والمقصود أنه صاحب زرع ، ويدوسه وينقيه.قولها ( فعنده أقول فلا أقبح ) معناه لا يقبح قولي فيرد ، بل يقبل مني .ومعنى ( أتصبح ) أنام الصبحة ، وهي بعد الصباح ، أي أنها مكفية بمن يخدمها فتنام ، وقولها : ( فأتقنح ) أي : أروى حتى أدع الشراب من شدة الري .
قولها : ( ومنق ) وهو من النقيق ، وهو أصوات المواشي . تصفه بكثرة أمواله ، والمقصود أنه صاحب زرع ، ويدوسه وينقيه.قولها ( فعنده أقول فلا أقبح ) معناه لا يقبح قولي فيرد ، بل يقبل مني .ومعنى ( أتصبح ) أنام الصبحة ، وهي بعد الصباح ، أي أنها مكفية بمن يخدمها فتنام ، وقولها : ( فأتقنح ) أي : أروى حتى أدع الشراب من شدة الري .
ثم قالت : أم أبي زرع فما أم أبي زرع؟! عكومها رداح وبيتها فساح.
العكوم الأعدال والأوعية التي فيها الطعام والأمتعة ، ورداح أي عظام كبيرة .
قولها : ( وبيتها فساح ) أي واسع ، ويحتمل أنها أرادت كثرة الخير والنعمة .
العكوم الأعدال والأوعية التي فيها الطعام والأمتعة ، ورداح أي عظام كبيرة .
قولها : ( وبيتها فساح ) أي واسع ، ويحتمل أنها أرادت كثرة الخير والنعمة .
ثم قالت : ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع ؟! مضجعه كمسل شطبة ويشبعه ذراع الجفرة .
( كمسل شطبة ) وهي ما شطب من جريد النخل أي شق ، وهي السعفة لأن الجريدة تشقق منها قضبان رقاق مرادها أنه مهفهف خفيف اللحم كالشطبة ، وهو مما يمدح به الرجل ، وقال ابن الأعرابي وغيره : أرادت بقولها : ( كمسل شطبة ) أنه كالسيف سل من غمده . قولها : ( وتشبعه ذراع الجفرة ) الذراع مؤنثة ، وقد تذكر والجفرة هي الأنثى من أولاد المعز ، وقيل : من الضأن ، وهي ما بلغت أربعة أشهر وفصلت عن أمها ... والمراد أنه قليل الأكل ، والعرب تمدح به .ثم قالت : بنت أبي زرع فما بنت أبي زرع ؟طوع أبيها وطوع أمها وملء كسائها وغيظ جارتها .
قولها : ( طوع أبيها وطوع أمها ) أي مطيعة لهما منقادة لأمرهما .قولها : ( وملء كسائها ) أي ممتلئة الجسم سمينة . وقالت في الرواية الأخرى : ( صفر ردائها ) بكسر الصاد ، والصفر الخالي ، قال الهروي : أي ضامرة البطن ، والرداء ينتهي إلى البطن . قال القاضي : والأولى أن المراد امتلاء منكبيها ، وقيام نهديها بحيث يرفعان الرداء عن أعلى جسدها ، فلا يمسه فيصير خاليا بخلاف أسفلها .قولها : ( وغيظ جارتها ) قالوا : المراد بجارتها ضرتها ، يغيظها ما ترى من حسنها وجمالها وعفتها وأدبها .
ثم قالت : جارية أبي زرع فما جارية أبي زرع؟ لا تبث حديثنا تبثيثا، ولا تنفث ميرتنا تنقيثا، ولا تملأ بيتنا تعشيشاً .
ثم قالت : جارية أبي زرع فما جارية أبي زرع؟ لا تبث حديثنا تبثيثا، ولا تنفث ميرتنا تنقيثا، ولا تملأ بيتنا تعشيشاً .
قولها : ( لا تبث حديثنا تبثيثا ) أي لا تشيعه وتظهره ، بل تكتم سرنا وحديثنا كله ،
قولها : ( ولا تنقث ميرتنا تنقيثا ) الميرة الطعام المجلوب ، ومعناه لا تفسده ، ولا تفرقه ، ولا تذهب به ومعناه وصفها بالأمانة .قولها : ( ولا تملأ بيتنا تعشيشا ) أي لا تترك الكناسة والقمامة فيه مفرقة كعش الطائر ، بل هي مصلحة للبيت ، معتنية بتنظيفه .
ثم قالت : قالت: خرج أبو زرع والأوطاب تمخض فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين ، فطلقني ونكحها فنكحتُ بعده رجلاً سرياً ركب شرياً وأخذ خطياً وأراح علي نعماً ثرياً وأعطاني من كل رائحة زوجاً وقال: كلي أم زرع وميري أهلك . قالت: فلو جمعت كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنيةِ أبي زرع.
قولها : ( ولا تنقث ميرتنا تنقيثا ) الميرة الطعام المجلوب ، ومعناه لا تفسده ، ولا تفرقه ، ولا تذهب به ومعناه وصفها بالأمانة .قولها : ( ولا تملأ بيتنا تعشيشا ) أي لا تترك الكناسة والقمامة فيه مفرقة كعش الطائر ، بل هي مصلحة للبيت ، معتنية بتنظيفه .
ثم قالت : قالت: خرج أبو زرع والأوطاب تمخض فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين ، فطلقني ونكحها فنكحتُ بعده رجلاً سرياً ركب شرياً وأخذ خطياً وأراح علي نعماً ثرياً وأعطاني من كل رائحة زوجاً وقال: كلي أم زرع وميري أهلك . قالت: فلو جمعت كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنيةِ أبي زرع.
قولها : ( والأوطاب تمخض ) وهي سقية اللبن التي يمخض فيها .
قولها : ( يلعبان من تحت خصرها برمانتين قال القاضي : قال بعضهم : المراد بالرمانتين هنا ثدياها ، ومعناه أن لها نهدين حسنين صغيرين كالرمانتين .
قولها (فنكحت بعده رجلا سريا ركب شريا ) سرياً معناه سيدا شريفا ، وشرياً هو الفرس الذي يستشري في سيره أي يلح ويمضي بلا فتور ، ولا انكسار .
قولها : ( وأخذ خطيا ): والخطي الرمح منسوب إلى الخط قرية من سيف البحر أي ساحله عند عمان والبحرين . .قولها : ( وأراح علي نعما ثريا ) أي أتى بها إلى مراحها بضم الميم هو موضع مبيتها . والنعم الإبل والبقر والغنم ، والثري الكثير من المال وغيره .
قولها : ( وأعطاني من كل رائحة زوجا ) فقولها ( من كل رائحة ) أي مما يروح من الإبل والبقر والغنم والعبيد . وقولها ( زوجا ) أي اثنين .
قوله : ( ميري أهلك ) أي أعطيهم وأفضلي عليهم وصليهم .قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت لك كأبي زرع لأم زرع.
قوله : ( ميري أهلك ) أي أعطيهم وأفضلي عليهم وصليهم .قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت لك كأبي زرع لأم زرع.
متفق عليه واللفظ للبخاري
صحيح البخاري (5/1988ح4893) كتاب النكاح. باب حسن المعاشرة مع الأهل، صحيح مسلم (4/1896ح2448) كتاب فضائل الصحابة. باب ذكر حديث أم زرع (والتعليقات مختارة من شرح النووي على مسلم) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق