بسم الله الرحمن الرحيم . إذا أردت أن تحفظ القرآن وتحصل على سند ، ما عليك سوى الاتصال بنا . كما يمكنك الحفظ معنا عبر الإنترنت
إذا أردت دراسة أحد علوم اللغة أو أحد المواد الشرعية فقط راسلني .::. إذا أردت إعداد بحث لغوي أو شرعي فنحن نساعدك بإذن الله

language اللغة

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

اذكر الله

23‏/08‏/2011

بدلا من الاختلاف حول الأسماء

بدلا من الاختلاف حول الأسماء


د. محمد عمارة   |  23- 8-2011 

هناك نفر من المثقفين العلمانيين يتحسسون مسدساتهم إذا سمعوا عبارة "الخلافة الإسلامية"، وذلك دون أن يتدبروا أن هذه الخلافة – عند الذين يتطلعون إلي إحيائها – لا تعدو أن تكون نظامًا سياسيًا مشابهًا "للإتحاد الأوروبي"، الذي يتألف من دول قطرية، مفتوحة حدودها أمام جميع أبناء تلك الدول، مع اتحاد في الخطوط العريضة للسياسة في أوصالها الحيوية والفعالية لكانت هي الشكل المعاصر للخلافة الإسلامية – المناظر للإتحاد الأوربي – حتى وإن لم نسمها "خلافة".. لأن الخلافة – تاريخيًا – لم تعن سوى الرابطة السياسية التي تحقق وحدة الأمة وتكامل دار الإسلام وتطبيق الشريعة الإسلامية.

ومنذ أكثر من قرن من الزمان، سئل مفتى الديار المصرية – الإمام محمد عبده ( 1266 – 1323هـ - 1849 – 1905 ) عن موقف الإسلام من نظام "الجنسية" الذي شرع للفصل بين الدول القومية والقطرية فقال:

"من المعلوم أن الشريعة الإسلامية قامت على أصل واحد، وهو وجوب الانقياد لها علي كل مسلم، في أي محل عمل وإلي أي بلد أرتحل، فإذا نزل بلد إسلامي جرت عليه أحكام الشريعة الإسلامية في ذلك البلد، وصار له من الحق ما لأهله، وعليه من الحق ما عليهم، لا يميزه عنهم مميز، ولا أثر لاختلاف البلاد في اختلاف الأحكام، ولا ذكر لاختلاف الأوطان في الشريعة الإسلامية.. فالشريعة واحدة والحقوق واحدة، يستوي فيها الجميع في أي مكان كانوا من البلاد الإسلامية، فوطن المسلم من البلاد الإسلامية هو المحل الذي ينوي الإقامة فيه.. فهو رعيه الحاكم الذي يقيم تحت ولايته دون سواه من سائر الأحكام، وله من حقوق رعيه ذلك الحاكم وعليه ما عليهم، لا يميزه عنهم شئ، لا خاص ولا عام"

أما الجنسية فليست معروفة عن المسلمين، ولا لها أحكام تجرى عليهم، لا في خاصتهم ولا عامتهم، وإنما الجنسية عن الأمم الأوربية تشبه ما كان يسمى عن العرب عصبية.. ولقد جاء الإسلام فألغى تلك العصبية، ومحا آثارها، وسوى بين الناس في الحقوق، فلم يبق للنسب ولا ما يتصل به أثر في الحقوق ولا في الأحكام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله أذهب عنكم غيبة الجاهلية – (عظمتها) وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي وفاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم، وآدم من تراب" وورد كذلك عنه: " ليس منا من دعي إلي العصبية ".

فمن كان مصريا وسكن في بلاد المغرب وأقام بها جرت عليه أحكام بلاد المغرب، ولا ينظر إلى أصله بوجه من الوجوه.. وأما حقوق الإمتيازات المعبر عنها " بالكابيتو لاسيون" فلا يوجد شئ منها بين الحكومات الإسلامية.. هذا ما تقضى به الشريعة الإسلامية، على اختلاف مذاهبها، لا جنسية في الإسلام، ولا امتياز في الحقوق بين مسلم، والبلد الذي يقيم فيه المسلم من بلاد المسلمين هو بلدي، ولأحكامه عليه السلطان دون غيره"

تلك هي الصورة الإسلامية للعلاقة بين شعوب الأمة الإسلامية وأقطارها.. وهى الصورة التي حققها الاتحاد الأوربي بين شعوب أوربا وقومياتها وأقطارها، التي لا تمتلك من عوامل الوحدة ما تمتلكه الشعوب الإسلامية.. فهل نفكر – ونحن نتحدث عن المستقبل – في المقاصد، بدلا من الاختلاف حول الأسماء؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق