بسم الله الرحمن الرحيم . إذا أردت أن تحفظ القرآن وتحصل على سند ، ما عليك سوى الاتصال بنا . كما يمكنك الحفظ معنا عبر الإنترنت
إذا أردت دراسة أحد علوم اللغة أو أحد المواد الشرعية فقط راسلني .::. إذا أردت إعداد بحث لغوي أو شرعي فنحن نساعدك بإذن الله

language اللغة

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

اذكر الله

02‏/08‏/2011

رمضان فرصة لتحقيق أهداف الثورة


رمضان فرصة لتحقيق أهداف الثورة
بقلم  د. صلاح عبد السميعرمضان فرصة لتحقيق أهداف الثورة
بدأ شهر رمضان الذي ننتظره كل عام بلهفة ودعاء "اللهم بلغنا رمضان".
ويُقبِل علينا رمضان في مصر هذا العام في ظل ظروف تختلف عن سابقتها.

لقد أسقط شعب مصر النظام الذي حال بينه وبين العدالة الاجتماعية، بل لا أبالغ إن قلت: إنه حال بين أفراد المجتمع المصري وبين تحقيق التراحم على المستوى الفردي والعائلي؛ لقد مارس الأمن عبر سنوات عدة مثلت عمر النظام السابق -آليات منعت بشكل مباشر وغير مباشر كل من أراد البذل والعطاء؛ بحجة أن ذلك مخالف لتعليمات الأمن.
نعم، فقد رأيت ذلك بنفسي وعايشته، لقد صدرت الأوامر بتعطيل وإلغاء لجان الزكاة والتي كانت تمارس دورًا خدميًّا رائعًا، كان يبادر الشباب إلى أصحاب الحاجة ويذهبون إليهم في بيوتهم، كانت نموذجًا للتواصل والتراحم بين المجتمع، رأينا صورًا رائعة للعطاء في ظل لجان الزكاة التي انتشرت في ربوع مصر وبخاصة في قرى مصر، وكانت نموذجًا واضحًا لأداء دورها في رمضان.
لقد أعلنت الثورة أهدافها، وكان على رأسها الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وها نحن نرى بوادر ونسمات الحرية عقب سقوط رأس النظام، حيث يُعَبِّر الثوار عن رأيهم في كل مكان، ونرى ميادين مصر نموذجًا لذلك التعبير، ورأينا شعار "ارفع رأسك فوق أنت مصري"، وما أجمله من شعار! استشعر معناه أبناء مصر في الداخل والخارج، وما زلنا نحتاج إلى ترجمته على أرض الواقع عبر ممارساتنا الحياتية وفي تعاملات بعضنا مع بعض.  
نعم أريد أن أرفع رأسي وأنا أخاطب أخي في مصر، أيًّا كان منصبه ومكانته، نريد أن يحترم الكبير الصغير، وأن يوقر الصغير الكبير، نريد أن ننسى عادات سيئة زرعها النظام السابق ومنها الرشوة، والمحسوبية، وتسفيه الرأي الآخر دون سند أو مرجعية، وإعمال الفوضى، وعدم الاحترام، وغياب العدل... إلخ من سلبيات ما زال المجتمع يستشعرها في كافة المؤسسات؛ لأن جسد النظام لم يسقط بعد.

وبعد..
 ماذا يجب على الثوار في رمضان؛ لكي يستعيدوا هيبة الثورة ويحققوا أهدافها؟ 
لعلها الفرصة المناسبة لكي نحقق العدالة الاجتماعية فيما بيننا، نعم فقد انتهز البعض من مرضى القلوب الفرصة لكي يرفع من أسعار الغذاء، وحجته في ذلك أن كل شيء قد ارتفع سعره، وواجب المجتمع اليوم ممثلاً في رجال الأعمال الشرفاء وفي الشباب المخلص، أن يُساهم في إنشاء تجمعات لأسواق متحركة يتم من خلالها شراء الاحتياجات الضرورية من المواد الغذائية، واختيار الأماكن ذات الاحتياج لعرض تلك السلع.
إنني أدعو إلى إنشاء مراكز للبيع في ظل استمرار كثير من التجار في رفع الأسعار دون وازعٍ من ضمير، وفي ظل غياب الرقيب الذي سيعود قريبًا مع عودة الأمن والأمان، وعندما يختار الشعب حكومته المنتخبة، وحتى يتحقق ذلك على الجميع أن يؤدي واجبه تجاه الوطن والمواطن.
ولعلها دعوة أيضًا إلى أن يستعيد المسجد دوره الطبيعي بعيدًا عن المراقبات والتقارير الأمنية، ولم يعد هناك حجة على الدعة من ممارسة دورًا واضحًا يدفع إلى خطاب مجتمعي منبري واضح، تعالج من خلاله قضايا الناس حسب البيئة المحيطة ومتطلباتها.. إننا في حاجة إلى توعية حقيقية للدعاة، وإعداد حقيقي يدفع بهم نحو خطاب دعوي واضح المعالم ومحقق لطموح وآمال المجتمع. وعلى المسجد أن يمارس دوره الخدمي، إضافةً إلى دوره الدعوي، حيث من المسجد تخرج قوافل الخير، ومن المسجد يتم تربية الصغار، وخدمة البيئة المحيطة..
إن رمضان فرصة حقيقية تساهم في أن يستعيد المسجد هيبته ومكانته التي غابت لعقود عدة في ظل وزارة الأوقاف التي تحولت إلى وزارة سياسية، تسعى إلى تحقيق ما يريده الحاكم لا ما يريده الشعب.
ورسالتي إلى المثقفين وأساتذة الجامعات من أبناء مصر، عليكم بممارسة دوركم الطبيعي في هذا الشهر الكريم، كونوا أداة تدفع إلى وحدة الشعب وإلى توعيته، أنتم الصفوة ويجب عليكم في اللحظة الراهنة أن تمارسوا دوركم الخدمي لصالح المجتمع، ليس دور عضو هيئة التدريس داخل الجامعة أو النقابة فقط، وإنما دوره في الشارع والجامع والنادي، أنتم القدوة للشباب في كل مكان، وعليكم في رمضان أن تكونوا كما يريدكم الشعب.
وإلى شباب مصر الذي أثبت للعالم أجمع أنه أقوى وأقدر على حفظ النظام وتحقيق الأمن في كل مكان من ميادين وقرى مصر، لقد شكلتم اللجان الشعبية ونجحتم وأبهرتم العالم أثناء الثورة وبعدها، أريدكم أن تشكلوا لجانًا رمضانية، تسعى للخير في كل مكان، هدفها ممارسة الدور التوعوي والتربوي والخدمي للمجتمع وللبيئة المحيطة.
ومن الجوانب التربوية التي يجب أن تؤصل عبر هذا الشهر الكريم في نفس ووجدان وسلوك أبناء مصر:
- صفة الإخلاص لله وحسن مراقبته؛ لأنه سر بين العبد وربه، والإخلاص لله من أعظم وألزم القربات إليه، فلا خير في عمل أو جهد إذا خلا من الإخلاص لله سبحانه وتعالى؛ فالله غني عن الجميع، ولا يقبل إلا العمل الخالص لوجهه.
- مجاهدة رغبات النفس والجسد، وفي ذلك تقوية لإرادة المسلم؛ فالصائم يكبح جماح نفسه وشهواته عن الحلال فترة من اليوم، وفي ذلك عون له على أن يمتنع عن الحرام باقي الأوقات.
- الصبر الذي يعين الصائم على تخطي العقبات والتحديات في مواصلة سيره إلى الله في هذه العبادة.
- تربية الجوارح وتهذيب النفس شهرًا كاملاً، فيعتاد الصائم ذلك، فلا يقتصر الصوم على شهوتي البطن والفرج, ولكن الصوم الصحيح أن تصوم الجوارح كلها عن كل ما حرم الله؛ فالعين والأذن واللسان واليد والرجل بجانب الفم والفرج, وكل ذلك جانب تربوي مهم في شخصية المسلم.
- الحلم على الجاهلين, فإذا خاصمه أحد أو سابه أو استثاره، يكظم غيظه ويحلم ويقول: إني صائم, إني صائم, إني صائم.
- العطف على الفقير والمحتاج حينما يشعر بألم الجوع, فيسارع إلى مد يد العون له, وجاءت زكاة الفطر لتؤكد هذا الجانب وتذكر به، وذلك جانب تربوي مهم يلزم أن يسود بين المسلمين لتدوم الرابطة والمودة والإخاء بينهم على طول الدوام.
- والصوم يُعلم الصائم ما يفرح له المؤمن من توفيق الله وعونه لأداء العبادة والإخلاص لله حينما يذكرنا الرسول :"للصائم فرحتان، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه" {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]. وفي هذا تصحيح لتصورات خاطئة عند الكثير حينما يفرحون لأعراض الدنيا عندما تقبل عليهم، ويحزنون عند افتقادها.
فيا أبناء مصر وأبناء الأمة، لنجعل من رمضان البوصلة التي تعيننا على فعل الخير، واستعادة الأمن المادي والمعنوي، بل واستعادة روح الثورة الحقيقة، واجعلوا من رمضان ومضات للحب والتراحم والتكافل... إلخ.
وكل عام وأنتم بكل خير، ونحو وحدة الصفوف دائمًا نلتقي ونجتمع.
 المصدر: صحيفة المصريون الإلكترونية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق