حمار الأعرابي الأحمق مات !
لقد ظن الأعرابي أن الصيام كُلْفة ومشقة، ولم يفطن إلى أنه مدرسة.. فلولا أنه كان من المغفلين للبث في حمد الله وشكره، وعبادته والصوم له إلى يوم يُبعثون.
لقد طَرَقَ الخاطرَ ونحن في آخر شوال أن شوال قد انتهى، ألا ما أبعد ما بينه وبين انتهاء رمضان، فكأننا في آخر شوال غير الناس الذين كانوا في آخر رمضان، وما بينهما إلا شهر واحد.
الصيام مدرسة، فيها التأديب والتهذيب والتربية، فكان الذين خرجوا من مدرسة الصيام أرق قلوبًا وأطيب أفئدة، وأكثر إيمانًا وأعمق يقينًا.. ما يزال لسانهم رطبًا من ذكر الله، وما تزال الوجوه تعلوها مسحة الإيمان، ولمسة شفافة كتبها على الجباه قيام الليل.
فكيف تبدو الوجوه، ومن ورائها القلوب، بعد انتهاء شوال؟ أما كان حالنا في نهاية رمضان خيرًا من حالنا في نهاية شوال؟
إني أربأ بمن عبدوا الله في رمضان أن يكونوا قد عادوا سيرتهم الأولى، فلم يخطر هذا بالبال أبدًا، بل ما زال أثر رمضان في قلوبهم ووجوههم وأعمالهم، إلا أني أتحدث عن الفارق، والفارق واضح وملموس، يراه المرء في نفسه قبل أن يراه غيره فيه.
تلك العزيمة الرمضانية التي كانت تنصب أقدام المرء ساعات في صلاة القيام، لا يمل فيها من القيام ولا من سماع القرآن، فإذا دخل عليه الاعتكاف وَدَّ لو أن الدنيا تتوقف عن المسير، حتى إذا جاء اليوم الأخير رأيت الحزن باديًا على الوجوه، ومحسوسًا في انكسارة القلوب. ووالله لولا أن الله أمرنا بالفرحة في العيد، لما استطاع المؤمن أن يفرح وهو يودع رمضان!
الآن، هذه العزيمة مفقودة، تأتي بعد جهاد ومعاناة، كأنما تُنْتَزع من بين أنياب الدنيا حيث الوقت ضيق والمشاغل كثيرة، والأرض جذَّابة، وهموم تطوف بالبال وتسكن الروح، فكأنها لم تترك فيها فسحة لعزم من أهل السماء!!
بقلم: م. محمد إلهامي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق