بسم الله الرحمن الرحيم . إذا أردت أن تحفظ القرآن وتحصل على سند ، ما عليك سوى الاتصال بنا . كما يمكنك الحفظ معنا عبر الإنترنت
إذا أردت دراسة أحد علوم اللغة أو أحد المواد الشرعية فقط راسلني .::. إذا أردت إعداد بحث لغوي أو شرعي فنحن نساعدك بإذن الله

language اللغة

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

اذكر الله

15‏/04‏/2012

رياح الثورة وصلت إلى منزلي

رياح الثورة وصلت إلى منزلي
 
قصة معبرة بقلم سهاد قنبر

كانت تعتقد أن رياح الثورة والتغيير التي تجتاح العالم العربي لن تستطيع الاقتراب من منزلها الآمن، فهي تحكم أفراد المنزل منذ وفاة والدهم فيه بقبضة من حديد، وكانوا دائمي الشكر والتقدير على خدماتها الدائمة والمتواصلة، فهي بالرغم من صرامتها أم حنون؛ تسهر على راحة أبنائها، وتأمين احتياجاتهم المادية والمعنوية، وكانت تغرقهم بالعطايا وهم يواظبون على الامتثال لأوامرها وكأنها جزء من مقدساتهم العقدية ،فلماذا يثورون ؟وعلام يثورون؟ فهي حاكم عادل، ولا شك أن ثورة العالم العربي في ذهنها أقرب ما تكون إلى ثورة جياع، وأبناؤها متخمون مترفون فهي بمأمن من الخطر، وياللمفاجأة بدأت بوادر الثورة تتسلل إلى منزلها؛ الابنة الوسطى أوصلت مطالبها بلهجة حادة فهي تطالب بالعدل لأن الأكبر سناً يحصلون على امتيازات وحريات أكثر؛منها استخدام الشبكة العنكبوتية بحرية.انتقلت العدوى إلى أختها الجامعية التي رفعت لافتة تطالب فيها بإصلاحات داخلية ملائمة لروح العصر؛ فهي ليست ملزمة منذ الآن بتقديم تقرير مفصل كلما أرادت التأخر أو الخروج من المنزل ،وهي ليست ملزمة برفع قائمة للأم بأسماء الصديقات، الصغار اعتبروا أنفسهم من الفئات المهمشة التي لا يستمع لها في منزل مكتظ بالمراهقين أصحاب الأصوات العالية؛ وجرت العادة أن لا تؤخذ مطالب المهمشين بعين الاعتبار فهم يضيعون في تعقيدات الأنظمة السائدة. ارتفعت حدة الخلافات وبعدت الشقة بين الأم والشعب أقصد الابناء ، وألقت الأم خطاباً رناناً بهذه المناسبة تحسباً من انتقال العدوى للباقين الصامتين، حمل الخطاب من التهديد والوعيد ما حمل، وأوصلت رسالة قاطعة للأبناء أنها لن تقوم بأية إصلاحات، وأنها ليست كالحكام العرب، فهي ستستغني عن الشعب ببساطة إن واصل التمرد، جاءها جواب الثورة حاسماً عندها لن تكوني حاكمة بلا أبناء ،فلا يوجد حاكم بلا شعب.
تصرف الذكور في العائلة بصورة أكثر راديكالية فقد اعتبروها مستقيلة واعتبروا أنفسهم بلا قانون ولا حاكم، أفلتت الأمور من يدها أكثر وأكثر تعالت حدة اللهجات المعارضة في المنزل، ألقت الأم خطاباً آخر خففت فيه من التهديد والوعيد وحاولت ان تبين لهم أن ديكتاتوريتها هي لمصلحتهم، جاءها الجواب قاطعاً لا نريد مصلحتنا نريد أن نشعر أننا أصحاب قرار أننا أناس لا آلات في فضائك حتى لو كان في هذا ضررأكيد لنا ،نريد لمرة أن نتسنم أنسام الحرية، بدأ الأمر يزداد خطورة لم يعد هناك بد من الحوار طلبت الأم من الأبناء أن يضعوا لائحة مطالبهم التي تراوحت بين المطالبة بإصلاحات مالية وإدارية واقتصادية وسياسية داخل المنزل رأت الأم أنه من المستحيل تنفيذها ؛فقررت التنحي بهدوءعن منصبها وتم تسليم الأمور المالية للابنة الوسطى والإدارية للكبرى والتنفيذية للصغرى، وبقي الذكور خارج المعادلة فهم لا يؤمنون بالتظاهر السلمي فقد كانت مطالبهم حجة للخروج عن النظام.
عمت الفوضى أياماً، طالبت الأم بالعودة لمنصبها دفعها الحب والعاطفة، ووعدت باحترام العقول الصغيرة، ووعدت بتفعيل سياسة الحوار، ووعدت بإلغاء سياسة الحكم المنفرد، وإرساء مبدأ شورى غير ملزم بشرط زيادة فاعلية الأبناء في المنزل فالقيادة تكليف لا تشريف، بالرغم من نية الأم الداخلية بالعودة إلى ديكتاتوريتها العادلة إلا انها تعلمت درساً لن تنساه؛تعلمت أنها لم تهيئ للأبناء أسباب القيادة التي سيصلها كل واحد منهم حتماً، ولم تعلمهم على ممارستها، تعلمت أن التغيير سنة الحياة لهذا ينبغي بين الحين والآخر مراجعة سياسات المنزل ووضع سياسات أكثر ملاءمة للعصر ،فدراسة الواقع وإعادة جدولة الأهداف وترتيب الأولويات عمليات مهمة في وضع القوانين المنزلية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق