بسم الله الرحمن الرحيم . إذا أردت أن تحفظ القرآن وتحصل على سند ، ما عليك سوى الاتصال بنا . كما يمكنك الحفظ معنا عبر الإنترنت
إذا أردت دراسة أحد علوم اللغة أو أحد المواد الشرعية فقط راسلني .::. إذا أردت إعداد بحث لغوي أو شرعي فنحن نساعدك بإذن الله

language اللغة

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

اذكر الله

21‏/05‏/2012

أسس الشريعة الإسلامية ومصادرها وخصائصها ومبادئها

 أسس الشريعة الإسلامية ومصادرها وخصائصها ومبادئها

أولاً : لابد من التعريف بالمصطلحات التالية : الشريعة ، الدين . 

الشريعة : 

1.لغة: يراد بها المذهب والطريقة المستقيمة،  وشرعة الماء: مورد الماء الذي يقصد

للشرب.

2. اصطلاحا: يُراد بها جميع الأحكام التي شرعها الله عز وجل لعباده عن طريق

رسول من رسله.

وسميت تلك الأحكام شريعة لاستقامتها و عدم اعوجاجها، والشريعة الإسلامية (نسبة

إلى الإسلام) هي الأحكام التي شرعها الله لعباده على لسان محمد صلى الله عليه وسلم.

وتنقسم أحكام الشريعة الإسلامية إلى ثلاثة أقسام، هي:

أ- أحكام اعتقادية : وهي المتعلقة بذات الله تعالى وصفاته، وبالإيمان به وبرسله وباليوم

الآخر وما فيه من حساب وثواب وعقاب.

ب- أحكام أخلاقية: وهي الأحكام المتعلقة بأمهات الفضائل ، كالصدق والوفاء والصبر

والأمانة...

ج- أحكام عملية : وهي الأحكام المتعلقة بأعمال الإنسان، وهي نوعان:

عبادات:  وهي الأحكام الشرعية المتعلقة بأمر الآخرة، والتي يقصد بها التقرب إلى الله

وحده، كالصلاة والصيام...

معاملات: وهي الأحكام المتعلقة بأعمال الإنسان وتصرفاته التي يقصد بها تحقيق

المصالح الدنيوية، أو تنظيم علاقته مع فرد أو مجتمع، كالبيوع والرهن والشركة.

الدين

1. لغة: يطلق على معان كثيرة، منها: الخضوع، الجزاء، الطاعة، الحساب. وقد وردت

كلمة " الدين " في القرآن الكريم بمعان عديدة، منها:

﴿ إن الدين عند الله الإسلام...﴾ (سورة آل عمران: من الآية 19) .

﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك... ﴾ (سورة الشورى: من

الآية 13)

﴿ والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ﴾ (سورة الشعراء: الآية 82)

﴿...ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ﴾ (سورة الروم: من الآية 30)

﴿ وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين ﴾  (سورة الصافات: الآية 20)

﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء...﴾ (سورة البينة: من الآية 5)  

2. اصطلاحا: يراد بالدين طاعة العبد لله تعالى وخضوعه للأحكام التي شرعها. 

ثانياً : أسس الشريعة الإسلامية
يقوم التشريع الإسلامي على أسس وركائز فريدة تكسبه الصلاحية لكل زمان ومكان و

إنسان، وأهم تلك الأسباب ما يأتي:

أولاً: التيسير و رفع الحرج

ومن مظاهره قلة التكاليف التي فرضت على الإنسان، وإباحة المحظورات عند

الضرورات، و يتجلى هدا الأساس في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية منها

قوله تعالى:

﴿لا يكلف الله نفسا إلا وسعها...﴾ (سورة البقرة: من الآية 286)

﴿...و ما جعل عليكم في الدين من حرج...﴾  (سورة الحج: من الآية 78)

﴿... يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ﴾  (سورة البقرة: من الآية185)

ويؤكد الرسول صلى الله عليه و سلم ذلك الأساس في أحاديث كثيرة منها: 

( يسروا ولا تعسروا ). 

وأوصى اثنين من الصحابة قائلا: ( يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا ). 

ثانياً: رعاية مصالح الناس

إن المتتبع لأحكام الشريعة الإسلامية يتجلى له أن المراد منها تحقيق مصالح الناس،

وهذا من مقتضيات عمومية الشريعة و صلاحياتها لكل زمان ومكان، ومن النصوص

التي تشير إلى ذلك قوله تعالى:

﴿ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ﴾  (سورة البقرة: من الآية 185)

﴿...يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث...﴾

(سورة الأعراف: من الآية 157)

﴿ هذا بصائر للناس و هدى و رحمة لقوم يوقنون ﴾ (سورة الجاثية: الآية 20)

ومن السنة النبوية قوله عليه الصلاة و السلام: ( لا ضرر ولا ضرار ).

وإباحته زيارة القبور، بعد أن كانت ممنوعة تحقيقا لمصلحة: ( كنت نهيتكم عن زيارة

القبور، ألا فزورها فإنها تذكركم الآخرة ).

ويستنتج من تلك النصوص أن ( الشريعة مبناها و أساسها على الحكم و مصالح العباد

في المعاش و المعاد، و هي عدل كلها، و رحمة كلها، و مصالح كلها، و حكمة كلها،

فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، و عن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى

المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث ليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل...)

ثالثاً: تحقيق العدل بين الناس

فهذا من الأسس القوية التي يعتمد عليها التشريع الإسلامي، وقد تظافرت النصوص

على ترسيخه؛ إذ نجد نصوصا تدعو إلى إقامة العدل، و أخرى تنفر من الظلم، فمن

النصوص التي تدعو إقامة العدل ما يلي: 

﴿ إن الله يأمركم بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى...﴾ (سورة النحل: من الآية 90)

﴿ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا

بالعدل...﴾ (سورة النساء: من الآية 58)

﴿ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين

والأقربين...﴾  (سورة النساء: من الآية 135)

ومن النصوص التي تنفر من الظلم ما يلي:

﴿... ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ﴾ (سورة غافر: من الآية18)

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( الظلم ظلمات يوم القيامة ).

رابعاً: التدرج في التشريع

إن القرآن والسنة لم يأتيا جملة واحدة، بل استغرقا مدة الرسالة كلها، كما أن أحكامهما

شرعت تدريجيا تحقيقا لحكم جليلة ورد بعضها فيما سبق، وتخفيفا على الناس، تماشيا

مع فطرة الإنسان التي يتطلب التعامل معها التزام التدرج لتغييرها وحسن الارتقاء بها

كما أن التدرج يتلاءم مع منهج التغيير بشكل عام، إذ لا يمكن تغيير أوضاع المجتمعات

لتتفق مع الشريعة إلا بأسلوب التدرج، ويصدق هذا حتى مع المجتمعات الإسلامية التي

يتفاوت التزامها بالشرع، ذلك أن ( الواقع الإسلامي الراهن تتفاوت أوضاعه في القرب

من هداية الشريعة والبعد عنها، فرب وضع لم ينحرف عنها إلا بمقادير طفيفة فيكون

أخذه بالمعالجة الشرعية محققا للمقاصد المطلوبة، ورب وضع آخر ابتعد بعدا كبيرا

وافتقد من الشروط التي تهيئ لانفعاله بالشريعة إذا طبقت عليه ما يجعل تنزيلها الفوري

فيه مفضيا إلى حرج شديد يلحق بالناس...) 


ثالثاً : مصادر الشريعة الإسلامية

القرآن الكريم : 

للشريعة الإسلامية عند التحقيق مصدر واحد لاشريك له هو : الوحي الإلهي . 

وهذا الوحي قسمان : 

وحي متلو ، وهو القرآن الكريم ، ومعنى (( متلو )) أنه متعبد بتلاوته . ووحي غير

متلو ، وهو السنة النبوية . 

ومن فضل الله على المسلمين : أنهم وحدهم الذين يملكون المصدر الوحيد الذي يتضمن

كلمات الله تعالى الأخيرة للبشر ، سالمة من كل تحريف أو زيادة أو نقصان وهو القرآن

الكريم . 

كتاب تميز بجملة خصائص أهمها : 

الإعجاز ، الخلود والحفظ ، الشمول ، 

السنة النبوية : 

" السنة : هي ماروي عن النبي e من قول أو فعل أو تقرير . 

فإذا كان القرآن هو المصدر الأول للشريعة ، فالسنة هي المصدر الثاني لها ، وهي

البيان النظري ، والتطبيق العملي للقرآن .

القرآن بمثابة الدستور الذي يتضمن الأصول والقواعد الإلهية الأساسية التي لابد منها

لتوجيه الحياة الإسلامية ، وهداية البشرية إلى التي هي أقوم .

والسنة هي المنهاج النبوي الذي ُيفضل ما أجمله هذا الدستور ، ويخصص ما عممه ،

ويُقيد ما أطلقه ،ويضع له الصور التطبيقية من حياة الرسول e وسيرته الجامعة .

والقرآن يقرر أن من مهمة الرسول أن يبين ما أنزل الله من الكتاب  ، ﴿ وأنزلنا إليك

الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم  يتفكرون ﴾ ( سورة النحل : من الآية 44 )

والفرق بين القرآن والسنة أمور ، أهمها : 

1/ إن القرآن كله ثابت بالوحي الجلي ، فقد نزل به جبريل على قلب محمد e ، أما

السنة فمنها ماكان عن طريق الإلهام في اليقظة  ومنها عن طريق الإلهام في المنام :

الرؤيا الصادقة ، ومنها ماكان اجتهاداً من الرسول أقره الله عليه . 
2/ إن القرآن لفظه ومعناه من الله تعالى ، أما السنة فمعناها من الله و لفظها من رسل . 

رابعاً :خصائص الشريعة الإسلامية

تمتاز الشريعة الإسلامية   بخصائص ترفعها إلى أرقى درجة من العظمة والكمال

لا يرقى إليها أي قانون وضعي، وأهم خصائصها ما يلي:

أولاً: الربانية

بمعنى أن مصدر الشريعة هو الله سبحانه و تعالى، كما أن أحكامها تهدف إلى ربط

الناس بخالقهم، وبناء على ذلك يجب على المؤمن أن يعمل بمقتضى أحكامها، قال

تعالى: ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من

أمرهم...﴾  ( سورة الأحزاب: من الآية 36 ) 

وقد نتج عن خاصية الربانية عدة نتائج، أهمها:

1. خلو أحكام الشريعة الإسلامية من أي نقص، لأن شارعها هو الله صاحب الكمال

المطلق.

2. عصمتها من معاني الجور والظلم تأسيسا على عدل الله المطلق.

3. قدسية أحكامها عند المؤمن بها إذ يجد في نفسه القدسية والهيبة تجاهها.

ثانياً: الجمع بين الجزاء الدنيوي والأخروي

تتفق الشريعة مع القانون الوضعي في توقيع الجزاء على المخالف لأحكامها في الدنيا،

في حين لا تمتد يد القانون الوضعي إلى معاقبة الإنسان في آخر ته بينما تعاقب الشريعة

مخالفيها في الآخرة، فهي تجمع بين الجزاءين معا.

ثالثاً: الجمع بين الثبات والمرونة
تجمع الشريعة بين عنصري الثبات والمرونة، ويتجلى الثبات في أصولها و كلياتها و

قطعياتها، وتتجلى المرونة في فروعها وجزئياتها وظنياتها، فالثبات يمنعها من الميوعة

والذوبان في غيرها من الشرائع، والمرونة تجعلها تستجيب لكل مستجدات العصر. 

رابعاً: الموازنة بين مصالح الفرد والجماعة

إن الشريعة - على خلاف القوانين الوضعية - توازن بين مصالح الفرد والجماعة فلا

تميل إلى الجماعة على حساب الفرد، ولا تقدس الفرد على حساب الجماعة 

خامساً: الشمولية 
و تتجلى خاصية الشمولية في أربعة أمور هي:

1. من حيث الزمان: بمعنى أنها شريعة لا تقبل نسخا أو تعطيلا، فهي الحاكمة إلى أن

يرث الله الأرض ومن عليها.

2. من حيث المكان: فلا تحدها حدود جغرافية، فهي نور الله الذي يضيء جميع أرض

الله.

3. من حيث الإنسان: فالشريعة تخاطب جميع الناس بأحكامها، لقوله تعالى: 

﴿ وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا...﴾  (سورة سبأ: من الآية 28)

﴿ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ﴾  (سورة الأنبياء: الآية 107)

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( كان النبي يُبعَث إلى قومه خاصة وبُعثت إلى

الناس عامة ).

4. من حيث الأحكام: إن أحكام الشريعة تناولت جميع شؤون الحياة، فقد رسمت

للإنسان سبيل الإيمان وبينت شروط وتبعات استخلافه، وتخاطبه في جميع مراحل

حياته، وتحكم جميع علاقاته بربه وبنفسه وبغيره. 

خامساً : أحكام الشريعة الإسلامية

في هذا الفصل الأخير نبين لك من مبادئ الشريعة وأحكامها المهمة ما ستعلم منه

كيف تجعل الشريعة الإسلامية حياة الإنسان مقيدة بضابطة محكمة وما في هذه

الضابطة من الحكم والمصالح.


مبادئ الشريعة: 


إنك إذا تأملت في نفسك ، علمت أنك قد جئت هذه الدنيا مودعاً في نفسك كثيرًا من

القوى ، التي تقتضي كل واحدة منها أن تستخدمها ولاتمهل  شأنها . ففيك العقلوالعزم

والرغبة ، والنظر والسمع والذوق ، وقوة اليدين والرجلين ، وعاطفة النفرة

والغضبوالشوق والحب والخوف والطمع ، وليس شيء منها بعديم المنفعة ، وما أوتيته

إلا لأنك في حاجة إليه . والذي يتوقف عليه نجاحك في هذه الدنيا  ، أن تحقق ما تتطلبه

إليك فطرتك وطبيعة نفسك.


ولكن لا يمكن ذلك إلا بأن تستخدم القوى التي أوتيتها في نفسك. ثم لا يخفى عليك أنك

قد أوتيت وسائل ، يمكنك أن تستخدم بها هذه القوى المودعة في نفسك . فأول وسيلة من

هذه الوسائل هي جسدك ، الذي تجد فيه الأدوات الضرورية كلها، ثم حولك هذه الدنيا ،

التي انتشرت فيها وسائل مختلفة لا تقع تحت الإحصاء. ففيها الناس من جنسك

لمساعدتك ، والبهائم لخدمتك ، والنباتات والجمادات والأرض والماء والهواء والحر

والنور ، وما إلى مثل هذه الأشياء الكثيرة التي لا يحصيها إلا الله، والله تعالى ما خلق

هذه الأشياء في هذا الكون إلا لتستخدمها وتسمتد منها في قضاء حياتك.


ثم انظر في الواقع من وجهة أخرى.


إنك ما أوتيت هذه القوى إلا لنفعك لا لمضرتك . فالصورة الصحيحة لاستخدامها

صورة فيها النفع لا المضرة ، وإن كانت فيها المضرة ، فإلى حد لا بد منه . يقول

العقل : إن كل صورة دون هذه الصورة غير صحيحة . فمثلاً إذا عملت عملاً مضرًا

في نفسك ، كنت على الخطأ ، وكذلك إذا استخدمت قوة من قواك على وجه يضر

غيرك ، كنت أيضاً من المخطئين . وكذلك إذا استعملت قوة من قواك على وجه يهمل

ما أودع في نفسك
من الوسائل ، كنت أيضاً من الخاطئين . يشهد لك عقلك أن المضرة ، ولو من أي نوع

كانت، عليك أن تبتعد عنها ، ولا تصبر عليها إذا كان الابتعاد عنها غير ممكن أو إذا

كانت بإزائها فائدة كبيرة ثم إذا تقدمت ، علمت أن الدنيا يوجد فيها نو عان من البشر ،

نوع من الذين يستخدمون بعض قواهم عمداً، في الوجوه التي تفسد عليهم سائر قواهم ،

أو تجلب المضرة على غيرهم من البشر ، أو هم يهملون أدواتهم التي أودعوها في

أنفسهم . والنوع الثاني ، من


الذين يفعلون كل ذلك من غير قصد من أنفسهم . فرجال النوع الأول من الأشرار ،

وهم في حاجة إلى قانون شديد يأخذ على أيديهم . ورجال النوع الثاني من الجهال ،

الذين لا يعلمون شيئاً، وهم محتاجون إلى علم يشعرهم بالصورة الصحيحة لاستخدامهم

قواهم.

ولقد جاءت الشريعة الإسلامية تسد هذه الحاجة ، وتحقق هذا الغرض ، فلا تريد أن

تهمل قوة من قواك ، أو تمحو رغبة من رغباتك ، أو تنفي من عواطف نفسك ، فهي لا

تقول لك : اترك الدنيا ، واقض أيام حياتك في الجبال والغابات والكهوف والمغارات ،

واشدد على نفسك واكسر سورتها، وذللها بالمصائب والشدائد، وحرم عليها زينة الحياة

الدنيا ولذاتها  ونعمها . كلا ! فإنها شريعة عني بوضعها الله الذي خلق للإنسان هذه

الدنيا، فكيف يرضى لكونه بالامحاء والخراب والفناء ؟ إن الله تعالى ما أودع الإنسان

في نفسه
قوة لا تنفعه ولا يحتاج إليها . وكذلك ما خلق شيئاً في السماوات ولا في الأرض عبثاً،

بل يريد أن يبقى الكون يسير سيرًا مستمرًا على نظام مدبر ، ينتفع فيه الإنسان من  كل

شيء ، ويستخدم مختلف أسبابه ووسائله . ولكن على وجه لا يضر نفسه ولا أحداً

غيره. ولهذا الغرض نفسه وضع الله تعالى ما وضع من قواعد الشريعة وضوابطها.

وهكذا حرمت هذه الشريعة على الإنسان كل شيء يجلب إليه الضرر ، وأحلت له كل

شيء يعود

عليه بالنفع ولا يضر غيره . إن المبدأ الذي يقوم عليه بناء الشريعة الإسلامية ، هو أن

الإنسان من حقه أن يعمل لتحقيق رغبات نفسه وحاجاتها ، ويسعى في سبيل منفعته

الذاتية كيفما يشاء . ولكن من الواجب عليه في الوقت نفسه ، ألا يتمتع بهذا الحق ، إلا

من حيث لا يضيع حقوق غيره من البشر بجهله أو شره ، بل ينبغي أن يكون مساعدًا

لهم ومتعاوناً معهم على قدر وسعه . 

لا يمكن أن يعرف كل إنسان ، في كل زمان ، عن كل شيء أو عمل ، ما فيه من النفع

أو الضرر . ولذا وضع الله تعالى – وهو العليم الخبير الذي لا يخفى عليه سر من

أسرار الكون – نظاماً صحيحاً كاملاً لحياة الإنسان ، وما كان الناس ليفطنوا إلى كثير

من مصالح هذا النظام في القرون القديمة : ولكن رقي العلم في هذا الزمان قد كشف

عنها الغطاء، بل لا يزال الناس يجهلون كثيرًا من مصالحه في هذا الزمان أيضاً،

ولكنها لا تزال


تتكشف وتتجلى لأعين الناس، على قدر ما يكتب للعلم من الرقي والنمو. والذين عولوا

على علمهم الناقص وعقولهم الضعيفة ، ما وجدوا لأنفسهم بداً في آخر الأمر ، أن

يتخاروا قاعدة من قواعد هذه الشريعة نفسها، بعدما هاموا على__ وجوههم، وخبطوا

في ظلمات الجهل والخطأ والضلال خبط عشواء إلى قرون . أما الذين

اعتمدوا على رسول الله ، واهتدوا بهديه ، واستناروا بنوره ، فقد أمنوا عواقب الجهل

ومضراته، فهم يواظبون دائماً على قانون وضع على قواعد العلم الصحيح الخالص ،

سواء أعرفوا ما فيه من المصالح، وما في اتباعه من المنافع، أم لم يعرفوا. وبحكم

الشريعة الإسلامية ، يجب على كل فرد من أفراد البشر أربعة أقسام من

الحقوق :

 1- حقوق الله.

2- حقوق النفس.

٣- حقوق العباد.

4- حقوق ما تحت يده في هذه الدنيا من شيء يستخدمه وينتفع منه.

من الواجب على كل مسلم صادق ، أن يعرف هذه الأقسام الأربعة من الحقوق ،

ويؤديها بكل إخلاص وأمانة وصدق . والشريعة الإسلامية قد بينت كلاً من هذه الأقسام 

  على حدة ، ووضعت وأوضحت لأدائها من الطرق والمناهج ، ما يساعد البشر على

أدائها معاً في آن واحد، بحيث لا يضيع منها حق ما ضمن حدود الإمكان . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق